لو كنتُ أملكُ للأقدار واقية ً - الشريف المرتضى

لو كنتُ أملكُ للأقدار واقية ً
دفعتُ عنك أبا الخطّابِ ما طرقا

إنّ الزّمانَ ولا عدوى على زمنٍ
سقانى َ المرَّ من فقديك حين سقى

كم ذا كسيتَ غُصوناً وهْيَ ذاوية ٌ
الماءَ من جاهك المبسوط والورقا

وكم أجرتَ بلا منٍّ ولا كدرٍ
مستمسكاً بك فى خوفٍ ومتعلقا

قد نال قومٌ وحَلُّوا كلَّ عالية ٍ
ومثلَ ما نلتَه في النّاسِ ما اتَّفقا

وما ذخرتَ سِوى حَمْدٍ ومَكرُمة ٍ
وإنَّما يذخرون العينَ والوَرَقا

حكمتَ فى الدّهرِ لا رزقاً أصبتَ به
والأمرُ بعدكَ في الدنيا لمن رُزقا

فلم تعرّجْ على لهوٍ ولا لعبٍ
ولا بعثتَ إلى حاجاتك الملقا

سستَ الملوكَ وودّ القومُ أنّهمُ
ساسُوا وما بلغوا تلك المُنى السُّوَقَا

وإنما كنتَ بابا للملوك ومذْ
ذقتَ الرّدى سدّ ذاك الباب وانغلقا

وما تركت من الدنيا وزينتها
من بعد فقدك إلا رثها الخاقا

وحالكٍ شَحِبِ القُطرينِ مُلتبِسٍ
أطلعتَ فيه برأى ٍ واضحٍ فلقا

وموقفٍ حرجِ الأرجاءِ قمتَ به
والبيضُ تنثرها ما بينها فلقا

طَعنتَ بالرَّأي فيه والقنا قَصِدٌ
والطّعنُ يفتقُ بالأجساد ما ارتتقا

فقد رأوا منك ماذا كنتَ تعمله
في ضالعٍ شذَّ أو في مارقٍ مَرَقا

ناموا عنِ الملكِ إهمالاً لنصرتِهِ
وأنتَ تكرعُ فيهِ وحدكَ الأَرَقا

صدقتَ في نَصرهِ حتَّى أقمتَ له
دعامه والفتى فى الأمر من صدقا

يا حلفَ قصرٍ مشيدٍ فوق نمرقة ٍ
على الأريكة ِ قد أصبحتَ حِلْفَ نَقا

ويا مُبيناً على الأطواد من عِظَمٍ
كيفَ ارتضيتَ بوَهدٍ هَبْطَة ٍ نَفَقا 

راموا لِحاقك في علياءَ شاهقة ً
وهل ترى لمحلّ النّجمِ من لحقا ؟

وثقتُ فيك بما لم أخشَ نبوته
وطالما عادَ بالإِخفاقِ مَن وثقا

وطالما كنتَ لي في كلِّ مُعضلة ٍ
حصناً حصيناً وماءً بارداً غدقا

فأَيُّ عينٍ عليك الدَّمعَ ما قَطرتْ
وأى ُّ قلبٍ بنار الهمِّ ما احترقا ؟

ولو نظرتَ إلينا بعد فُرقتنا
رأيتَ منّا الذى رتّقتَ منفتقا

أعززْ على َّ بأن تضحى على شحطٍ
منّا ورهنك فى كفِّ الرّدى غلقا

وأنْ يراك فريداً وسْطَ مُقفرة ٍ
مَن لو خطرتَ له لاقَى الرَّدى فَرَقا

إنْ تمسِ مرتفقاً بالتّربِ جندلة ً
وطالما كنت بالعيوق مرتفقا

وإنْ لمستَ الثّرى ميتاً فما رضيتْ
منك التّرائبُ ديباجاً ولا سرقا

وإنْ سكنتَ مُصيخاً للرَّدى فبما
أصبحتَ من قبل أعلا ناطق نطقا

وإنْ أقمتَ مُقاماً واحداً فبما
شَنَنْتَ نحوَ المعالي النَّصَّ والعَنَقا

وإنْ مضيتَ فماضٍ خلّفتْ يده
فينا الجميلَ الذى لم يمضِ وانطلقا

فما لنا صحّة ٌ من بعد مصرعه
ولا دواءٌ لشاكٍ يمسِكُ الرَّمَقا

ولم يكنْ غيرَ نجمٍ غابَ من أفقٍ
وغيرَ سَجْلٍ جلالٍ للورى دَفَقا

وقد مضَى مالكُ الرِّبْقاتِ قاطبة ً
فانسوا بمصرعه من يملك الرّبقا

فلا لقيتَ من الضّراءِ لاقية ً
ولا سقاك " البلى " طرقاً ولا رنقا

اذهبْ فزادَك إنعامٌ ملكتَ به
رقَّ الرّجال وقد زوّدتنى حرقا

ولا يزلْ جدثٌ أسكنتَ ساحته
ملآن ريانَ من وَكفِ الحيا عبقا

وإنْ مررتُ على قبرٍ حللتَ به
لَوَيتُ بعدَ اجتيازي نحوك العُنُقا