صدتْ وما صدها إلاّ على ياسِ - الشريف المرتضى

صدتْ وما صدها إلاّ على ياسِ
من أن ترى صبغَ فوديها على رأسي

أحببْ إليها بليلٍ لا يضيء لها
إلاّ إذا لم تسرْ فيه بمقباسِ

و الشيبُ داءٌ لربات الحجالِ إذا
رأينَهُ وهْوَ داءٌ مالَهُ آسي

يا قُربَهُنَّ ورأسي فاحمٌ رَجِلٌ
و بعدهنّ وشيبي ناصعٌ عاسى

ماذا يريبك من بيضاء طالعة ٍ
جاءتْ بحلمي وزانتْ بين جلاسي

و ما تبدلتُ إلاّ خير ما بدلٍ
عُوِّضْتُ بالشّيبِ أنواراً بأنقاسِ

هيهاتَ قلبك من قلبٍ ذهبتِ به
هذا الضَّعيفُ وذاك الجلمدُ القاسي

تجزينَ وَصْلي بهجرٍ منك يمزجُ لي
كأس المنى وهيَ صرفُ الطعم بالياسِ

و نابحٍ بيَ دلتهُ غباوتهُ
حتَّى فَرَتْهُ بأنيابي وأضراسي

عوى ولم يدرِ أني لا يروعني
مِن مثلِهِ جَرْسُهُ من بينِ أجراسي

فقل لمن ضلّ عجزاً أن يساميني
يا بعدَ أرضكَ من طودٍ لنا راسِ

و أين فرعك من فرعي ومنشعبي
وأينَ أصلُكَ من أصلي وآساسي 

ياقومُ مالي أَرى عِيراً مُعَقَّلَة ً
يُثيرهُنَّ اعتسافاً نخسُ نخّاسِ 

و الشرُّ كالعرَّ يعدى غيرَ صاحبهِ
والكأسُ يَنْزعُها من غيرهِ الحاسي

و قد علمتمْ بما جرتْ وما شعرتْ
على العشائر دهراً كفُّ " جساسٍ "

و أنه واحدٌ شبتْ جنايتهُ
ناراً تضرمُ في كثرٍ من الناسِ

و إنما هاج في عبسٍ وقومهمُ
بنى فزارة َ حرباً سبقُ أفراسِ

والزِّبرقانُ انتضَى قولَ الحُطَيْئَة ِ في
أعراضِهِ خدعة ً من آلِ شَمّاسِ

كم تَنْبذون إلينا القولَ نَحسِبُهُ
ترمي إِلينا به أعجاسُ أقواسِ

يَحُزُّ في الجلد منَّا ثمَّ نحملُهُ
بُقياً عليكُمْ على العينينِ والرّاسِ

فكم تَدِرُّون شرّاً كلَّ شارقَة ٍ
وإنَّما الشرُّ يُستَدنَى بإبساسِ

و تحملون لنا خيلاً على جددٍ
منَ الطريقِ على مُسْتَوعِرٍ جاسِ

وكيف يصلُحُ قومٌ لم يَصِخْ لهمُ
سمعٌ إلى عذلِ قوامٍ وسواسِ

ضَلّوا كما ضَلَّتِ العَشْواءُ يُركِبُها
جُنْحُ الدُّجى ظهْرَ أجراعٍ وإرهاسِ

لمّا حماها سوادُ اللّيل عن نظرٍ
" يهدى " الطريقَ تقرتهُ بأنفاسِ

أما علمتمْ بأنا معشرٌ صدقٌ
وأنَّنا في التَّلاقي غيرُ أنكاسِ 

و غنْ مشينا ، نجرَ الزغفَ تحسبنا
آسادَ بِيشَة َ تمشي بينَ أخياسِ

وأنَّنا لا يَمَسُّ الذَّمُّ جانبَنا
و لا يهمُّ لنا ثوبٌ بأدناسِ

و تحسب الجارَ فينا من نزاهتهِ
معرِّساً في الثّريّا أيَّ إعراسِ

إني أخاف وقد لاحتْ دلائلهُ
طلوعَ يومٍ بودقِ الموتِ رجاسِ

يُلْفَى حليمُكُمُ غيرَ الحليمِ بهِ
وكيِّسو القومِ فيهِ غيرَ أكياسِ

و الرمحُ ينطفُ في خدَ الثرى علقاً
نطفَ المزابرِ في حافاتِ قرطاسِ

يومٌ يرى منكمُ فيه عدوكمُ
ما شاء من قطع أرحامٍ وأمراسِ

لاتَطْرحوا النُّصْحَ مِنِّي وهْوَ مُتَّبَعٌ
طرحَ المبنَّ بأرضٍ سحقَ أحلاسِ

ولاتَكونوا كمن لم يدرِ في مَهَلٍ
من ساعة ِ الأمن عقبى ساعة ِ الباسِ

فإنَّما يذكرُ الإنسانُ حاضرَهُ
وكلُّ أمرٍ بما يمضي به ناسِ