ألا يا ابنة َ الحيَّينِ مالي ومالَكِ - الشريف المرتضى

ألا يا ابنة َ الحيَّينِ مالي ومالَكِ
وماذا الذى ينتابنى من خيالكِ ؟

هجرتِ وأنتِ الهمُّ إذ نحنُ جِيرة ٌ
وزرتِ وشحطٌ دارنا من دياركِ

فما نلتقي إلاّ على نَشوة ِ الكرَى
بكلّ خدارى ٍّ من اللّيل حالكِ

يفرّق فيما بيننا وضحُ الضّحى
وتجمعنا زهرُ النّجومِ الشّوابكِ

وما كان هذا البذلُ منك سجيَّة ً
ولا الوصلُ يوماً خَلَّة ً من خِلالِكِ

فكيفَ التقينا والمسافة ُ بيننا
وكيف خطرنا من بعيدٍ ببالكِ ؟

وقد كنتِ لمّا أوسعونا وشاية ً
بنا وبكمْ آيستنا من وصالكِ

فلم يبقَ فى أيماننا بعد ما وهتْ
عقودُ التَّصابي رُمَّة ٌ من حبالِكِ

وليلة بتنا دون رملة ِ مربخٍ
خطوتِ إلينا عانكاً بعد عانِكِ

وما كان مَن يستوطنُ الرَّملَ طامعاً
وأنتِ على وادى " القرى " فى مزاركِ

ولمّا امتطيتِ الرّملَ كنتِ حقيقة ً
بغير الهدى لولا ضياءُ جمالكِ

تزورين شُعثاً ماطَلُوا اللّيلَ كلَّه
على أعوجيَّاتٍ طِوالِ الحوارِكِ

إذا خِفْنَ في تِيهٍ من الأرضِ ضَلَّة ً
ولا ضوءَ أوْقَدْنَ الحصَى بالسَّنابِكِ

سلامٌ على الوادي الذي بانَ أهلُهُ
ضُحيّاً على أُدْمِ المطيِّ الرَّواتِكِ

وفيهنّ ملآنٌ من الحسنِ مفعمٌ
يفئُ بعزمِ النّاسك المتماسكِ

يتاركنى وصلاً وبذلاً ونائلاً
وموضعهُ فى القلب ليس بتاركى

إذا افْتَرَّ يوماً أو تبسَّمَ مُغرباً
فعن لؤلؤٍ عذبٍ نقى ّ المضاحكِ

أبى الرّشفَ حتّى ليس يثنى بطيبه
بُعَيْدَ الكَرى إلاّ فروعَ المساوِكِ

ولمّا تنادوا غفلة ً برحيلهمْ
فما شئتَ بين الحى ّ من متهالكِ

ومن معقولٍ يشكو الفراقَ وواجمٍ
ومِن آخذٍ ما يبتغيهِ وتاركِ

مَضَوا بعد ما شاقوا القلوبَ ووكَّلوا
بأعيننا فيضَ الدّموع السّوافكِ

عشيّة َ لاثوا الرّبطَ فوق حدوجهمْ
على مثلِ غزلان الصّريمِ الأواركِ

يحدّثنَ عن شرخ الصّبا كلَّ من رأى
تماماً لهنَّ بالثّدِيِّ الفَوالِكِ

ألا إنَّ قوماً أخرجوكُنَّ قد بَغَوا
وسَدُّوا إلى طُرْقِ الجميلِ مَسالكي

هُمُ منحونا بِشْرَهمْ ثمَّ أَسْرجوا
قلوباً لهمْ مملوءة ً بالحسائكِ

تَرى السِّلْمَ منهمْ بادياً في وجوههمْ
وبينَ ضلوعِ القومِ كلُّ المعاركِ

وما نَقَموا إلاّ التّصامُمَ عنهمْ
وصَفحي لهمْ عن آفكٍ بعد آفكِ

وإنّى َ ألقى القولَ بالسّوءِ منهمُ
بمَدْرَجِ أنفاسِ الرِّياحِ السَّواهكِ

وأسترُ منهمْ جانبَ الذَّمِّ مُبْقياً
على خارقٍ منهمْ لذاك " وهاتكِ "

إذا كنتُمُ آتاكُم اللهُ رُشْدَكمْ
تودّون ودّاً أنّنى فى الهوالكِ

فمنْ ذاكُمُ أعددتُمُ لذمارِكمْ
إذا قمتمُ فى المأزقِ المتلاحكِ ؟

ومَن ذا يُنيلُ الثّأرَ عفواً أكفَّكمْ
وتظفركمْ أيّامه " بالممالكِ " ؟

ومن قوله يومَ الخصومة ِ فيكمُ
يبرِّحُ بالخصمِ الألدِّ المماحِكِ 

ومَن دافَعَ الأيّامَ عن مُهَجاتِكمْ
وهنَّ أخيذاتُ لأيدى المهالكِ ؟

رأيتكمُ لا ترشحون لجاركمْ
من الخير إلاّ بالضّعافِ الرّكائكِ

يبيتُ خميصاً فى القضيض وأنتمُ
كظيظون جثّامون فوق الأرائكِ

تَنوبكُمُ أو شِلْوُهُ للمناهكِ

وإنْ الذى يمريكمُ لعطائهِ
لمستمطرٌ رفدَ الأكفّ المسائكِ

ألا هلْ أرى فى أرضِ بابلَ أدرعاً
تصول بأسيافٍ رقاقٍ بواتكِ ؟

وهلْ أردنْ ماءَ الفراتِ قبيلة ً
بلا ظمأٍ مشلولة ً بالنّيازكِ ؟

يعُجُّ القنا بالطَّعنِ في ثُغَراتها
عجيجَ المطايا جُنَّحاً للمباركِ

وهلْ أَنافي فجٍّ من الأَرض خائفٌ
أذودُ بأطراف القنا للصّعالكِ ؟

فمن لي على كسب المحامِدِ والعُلا
ورغمِ الأعادي بالصَّديق المشاركِ