لي منزلٌ ولمنْ سلاكُمْ منزلُ - الشريف المرتضى

لي منزلٌ ولمنْ سلاكُمْ منزلُ
فدعوا العذولَ على هواكمْ يعذلُ

وإِذا مررتُ بغيرِ ما أسطيعُهُ
فمن الضَّرورة ِ أنَّني لا أَقبَلُ

بأبى وأمّى راحلٌ طوعَ النّوى
ويُوَدُّ قلبي أنَّه لا يَرحَلُ

ولقد حملتُ غداة َ زمّتْ للنّوى
أحمالكمْ فى الحبِّ ما لا يحملُ

وعجبتمُ أنّى بقيتُ وقد مضى
بالعيشِ من كفِّي الخَليطُ المُعْجَلُ

ليس اصطباراً ما ترون وإنّما
هو للّحاة ِ تصبّرٌوتجمّلُ

فدعوا القرونَ بزفرة ٍ لم تستمعْ
بعد الفراقِ ودمعة ٍ لا تهطلُ

فالنّارُ يخمدُ ظاهراً لك ضوؤها
ووراء ذاك لهيبُ جمرٍ مشعلُ

مَن لي بقلبِ الفارغين منَ الهوى
لا مهجة ٌ تضنى ولا تتقلقلُ

من شاء فارقنى فلا طللٌ له
يبكى ولا عنه رباعٌ تسألُ

وإذا الرّجالُ تعزّزوا ومشتْ إلى
مهجاتِهمْ رُسُلُ الغرامِ تذلَّلوا

وأُساة ُ أدواءِ الشِّكاية ِ كُلُّهمْ
يدرون أنَّ الحبَّ داءٌ مُعضِلُ

من مبلغٌ ملكَ الملوكِ بأنّنى
بلسانِ طاعته أعلُّ وأنهلُ

قد كنتُ أمطل منْ بغى منّى الهوى
حتّى دعاني منك مَن لا يَمطُلُ

فبلغتُ عندك رتبة ً لا تُرتَقَى
ونزلتُ منك مكانة ُ لا تنزلُ

وعلمتُ حين وزنتُ فضلك أنّه
من كلّ فضلٍ للأماجدِ أفضلُ

لله درُّ بني بُوَيْهٍ إنَّهمْ
أعطوا وقد قلّ العطاءُ وأجزلوا

ولهمْ بأسماكِ المجرّة ِ منزلٌ
ما حلّهُ إلاّ السّماكُ الأعزلُ

المطعمين إذا السّنونُ تكالحتْ
واغبرَّ في النّاسِ الزّمانُ المُمحِلُ

والمبصرين مكانَ حزِّ شفارِهمْ
فى الرّوع إذ أعشى العيونَ القسطلُ

والدّاخلين على الأسنّة ِ حسّراً
إنْ قلَّ إدخالٌ وعزَّ المدخَلُ

فهمُ الجبالُ رزانة ً فإذا دعوا
لعظيمة ٍ خفّوا لها واستعجلوا

وهُمُ الرؤوس وكلُّ مَن يَعدوهمُ
فى المعتلين أخامصٌ أو أرجلُ

لهُمُ القُطوبُ تَوَفُّراً فإذا هُمُ
همّوا بأنْ يعطوا النّوالَ تهللّوا

وإذا المحاذرُ بالرّجالِ تولّعتْ
فهمُ من الحذرِ الملمِّ المعقلُ

إنْ خوّلوا من غير أن يعنوا بما
قد خوّلوا فكأنّهمْ ماخوّلوا

وإذا التفتّ إلى عراصهمُ الّتى
عزّ الذّليلُ بها وأثرى المرملُ

لم تلقَ إلاّ معشراً روَّاهُمُ
غبَّ العطاشِ تفضّلٌ وتطوّلُ

كم موقفٍ حَرِجٍ فرجتَ مضيقَه
والرّافدان لك القنا والأنصلُ

في حيثُ لا تُنجي الجيادُ وإنَّما
تُنجيك بِيضٌ للقراعِ تُسَلَّلُ

وشهودُ بأسِك أسمرٌ متدقِّقٌ
أو أبيضٌ ماضي الغِرار مُفَلَّلُ

أعطيتَ حتَّى قيل إنَّك مُسرِفٌ
وحلُمتَ حتّى قيلَ إنّك مُهمِلُ

وجددتَ في كلِّ الأمورِ فلم يكن
من قبلُ إلاّ مَن تَجِدُّ ويهزِلُ

ومشيتَ فى الخطط الصّعائب رافلاً
ومن الذى لولاك فيها يرفلُ ؟

وأريتَنا لمّا رَميتَ فلم تَطِشْ
عن مقتلٍ أنَّى يُصابُ المَقتلُ

والملكُ مذ دافعتَ عن أرجائهِ
مَطْوَى الأساود أو غرينٌ مُشْبِلُ

قلْ للّذينَ تحكَّموا جهلاً بهِ
ولطالما قتلَ الفتى ما يجهلُ

خلّوا التعرُّضَ للَّذي لا يُتَّقَى
فلربَّما عجلَ الذي لا يعجلُ

والسّمُّ مكروعاً وإنْ طال المدا
بمطالهِ يردى الرّجالَ ويقتلُ

وأنا الذى جرّبته ولطالما
نخلَ الرِّجالَ تدبُّرٌ وتأمُّلُ

ثاوٍ بدارٍ أنت فيها لم أردْ
عوضاً بها أبداً ولا أستبدلُ

وعجمتَ حين عجمتَ منِّي صَعْدَة ً
تنبو إذا ضمّتْ عليها الأنملُ

وعلمتَ أنّى خير ما ادّخرتْ يدٌ
وأَوى إليه لَدى الحِذارِ مُعَوِّلُ

وعصائبٍ أعييتهمْ بمناقبى
إنْ يَصْدقوا في عَضْهَتي فتقوَّلوا

قالوا، وكم من قولة ٍ مطرودة ٍ
عن جانبِ الأسماع لا تتقبّلُ

هيهاتَ أينَ منَ الصُّقورِ أباغثٌ
يوماً وأين من الأعالى الأسفلُ ؟

وتضاحكوا ولوَ انَّهمْ علموا بما
تجنى جهالتهمْ عليهمْ أعولوا

وإذا عريتَ عن العيوب فدع لها
من شاء فى أثوابها يتسربلُ

وكن الذى فاتَ الخداعَ فكلّ منْ
تبع الطّماعة َ فى الخديعة يبهلُ

وأعُدُّ إثرائي وجاري مُعسِرٌ
دَنَساً على أُكرومتي لا يُغسلُ

وقنعتُ من خلّى بعفوِ ودادهِ
لا بالّذي يجفو عليهِ ويثقلُ

وإذا بدا منه التودُّدُ فليكنْ
في صدرهِ يَغلي عليَّ المِرْجَلُ

قولوا لمن وردَ الأُجاجَ تعسُّفاً
لي فوقَ ما أَهوي الرَّحيقُ السَّلْسَلُ

عندى المرادُ وأنت فيما تجتوى
دونى وفى ربعى المرادُ المبقلُ

وظفرتُ بالبحر الخضمِّ وإنّما
أغناك لا يرويك منه الجدْوَلُ

ولك الجدائدُ فى حلابك طالباً
دونى وفى كفّى الضّروعُ الحفّلُ

فاسعدْ بهذا العيدِ وابقَ لمثلهِ
يمضى الورى ولك البقاءُ الأطولُ

في ظلِّ مَملكة ٍ تزولُ جبالنا الْـ
شُم العوالي وهْيَ لا تتزلزلُ

واسمعْ كلاماً من مديحك شارداً
طارتْ به عنّى الصّبا والشّمألُ

صعبَ المطا ممّتْ يريد ركوبه
لكنّه عودٌ لدى َّ مذلّلُ

هوَ كالزُّلالِ عذوبة ً وسَلاسة ٌ
وَإِذا شددتَ قواهُ فهْوَ الجَندلُ

صبحٌ وفي أبصارِ قوم ظلمة ٌ
أرى ٌ وفى حنكِ العدوِّ الحنظلُ

لو عاش نافسنى به " مزنيّهمْ "
أوْ لا فيحسدنى عليه " جرولُ "