عَلَّ الهوى يَهْفو به العَذَلُ - الشريف المرتضى

عَلَّ الهوى يَهْفو به العَذَلُ
ويغضّ من جمحانهِ المللُ

والحبُّ أضيعُ ما أطاف به
قلبٌ ونِيطَ بحفظهِ شُغُلُ

ولقد صحبتُ العيشَ مصطبراً
سلوان لا يسطيعنى الغزلُ

إنْ شئتُ أعمدتُ الخباءَ ولا
تحظَى بيَ الأستارُ والكِلَلُ

ومُلَوَّحِ الخدَّين تحملُهُ
أبداً على أعناقِها السُّبُلُ

نابٍ عن الأوطانِ فهوَ متى
ظفرتْ به الأوطان مرتحلُ

تركَ البلادَ لمنْ أقامَ بها
وتقطَّعتْ عن عيشِهِ العُقَلُ

يسعى إلى العلياءِ يُحرزُها
سعياً تحامَى وقْعْهُ الزَّلَلُ

وإذا الفتى كُتبَ النَّجاءُ لهُ
فالكلمُ يعفو والأذى جللُ

دَيني وإنْ ألْوَى المِطالُ بهِ
تَلْويهِ نحوي البِيضُ وَالأَسَلُ

وسواى َ إنْ قعد الزّمان به
قعدتْ به الآراءُ والحيلُ

والدَّهرُ يجذبُنا إلى أَمَدٍ
تَغنَى بهِ الأسفارُ والرَّحِلُ

ما أقربَ الأعمالَ من أجلٍ
العمرُ صبحٌ والرّدى أصلُ

والمرءُ إنْ أخطاهُ طالبهُ
لم تُخطِهِ من دهرِهِ الغِيَلُ

ملقًى على طرقِ الخطوبِ له
من كَرِّها حَلٌّ ومُرتَحَلُ

أيقودنى أملى فأتبعهُ ؟
والذّلُّ يصحب من له أملُ

وعليَّ تستعلي الرّجالُ وما
يبدو لعيني منهمُ رجلُ

ما لي أُعلَّلُ بالخِداعِ وقد
تردى المعلّلَ دهره العللُ

"تقذى " جفونى كلُّ " رائقة ٍ "
ويمرُّ فى لهواتى َ العسلَ

فى كلّ يومٍ صاحبٌ سئمٌ
يلقى على ظهرى فأحتملُ

وإذا وصلتُ إلى الحسين فدَى
وصلى له الخلاّنُ والخللُ

ذاك الذي جُمِعَ الولاءُ له
وتشايعتْ فى حبّه المللُ

في كلِّ عارفة ٍ له قَدَمٌ
ولكلِّ مَكرُمة ٍ بهِ مَثَلُ

سبطُ الأناملِ وبلهُ ديمٌ
للمعتفين ووِرْدُه عَلَلُ

والجودُ حيثُ الوعدُ مُفتَقَدٌ
والقولُ معقودٌ به العملُ

وإذا " أعار " القولَ منطقه
خفتَ الكلامُ وأمسكَ " الزّملُ "

هذا وكم غمّاءَ خالطَها
والظنُّ فيها شاربٌ ثملُ

أدّتهُ وضّاحَ الجبين كما
أدّتْ صقال الصّارمِ الخللُ

ولأنتَ إنْ عدّ امرؤٌ سلفاً
من معشرٍ إنْ فوضوا فضلوا

المُفْضِلون إذا الورى بَخلوا
والمقدمون إذا همُ نكلوا

والمعجلو الجردِ العتاقِ ولا الـأرسانُ تمسكها ولا الجدلُ
ـأَرْسانُ تمسكُها ولا الجُدُلُ

غلبوا على خطط العلاءِ وكم
قد رامها قومٌ فما وصلوا

لا يطمحون إلى بُلَهْنِيَة ٍ
في طيِّها التّأْنيبُ والعَذَلُ

وإذا الصَّريحُ عَلَتْ غَماغِمُهُ
وأزلّ من خطواتهِ البطلُ

مَلؤوا الفضاءَ بكلِّ مُنْصَلِتٍ
مادبّ فى حيزومه الوجلُ

لله درّك والثّرى ضرجٌ
والبيضُ تهطلُ والقنا خضلُ

فَلَرُبَّ نازلة ٍ نَدبتَ لها
عزماً تَولَّجَ رَيْثَه العَجَلُ

ومروّعٍ حصّنتَ مهجته
وقد اشْرَأَبَّ لأخذِها الأَجَلُ

حيث الرّدى موفٍ بكلكلهِ
ينجاب عنه الثّكلُ والهبلُ

والسّمرُ فى اللّبّاتِ طائشة ٌ
والبيضُ تكثمُ شطرها القللُ

هجرَ الحسودُ تباعَ زفرته
وتحسَّرتْ عن صدره الغِلَلُ

ورآك أسبق إنْ جريتَ ولو
أعطته سبقَ لحاظها المقلُ

واليأسُ أروحُ للقلوب إذا
كانت إلى المطلوب لا تصلُ

ما ضرَّ مَن يرضاك جُنَّتَهُ
إنْ حكّمتْ فيه القنا الذّبلُ ؟

حسبى دفاعك فهو لى حرمٌ
يَضُفو على سِرْبي وينسدِلُ

أعليتَ طرفى وهو منخفضٌ
وحميتَ رَبْعي وهْو مُبتَذَلُ

وبلغتَ بي في العزِّ منزلة ً
كلُّ الورى عن مثلها " نزلُ "

فلأشكرنّك ما مشتْ " بفتًى
قدمٌ " وحنّتْ للنّوى إبلُ

وليهنك العيدُ الذى عزبتْ
عنه الهمومُ وأطبقَ الجَذَلُ

يومٌ تطيح به الذّنوبُ كما
دفع الغُثاءَ العارضُ الهَطِلُ

فاسعدْ بهِ فالعزُّ مؤتَنَفٌ
بقدومه والمجدُ مقتبلُ

واسلمْ على نُوَبِ الزَّمانِ وإنْ
شقيتْ بها الأملاكُ والدّولُ

والعنقُ أولى أنْ يصان وأنْ
يشقى بجمرة ِ دائهِ الكفلُ