من ذا الذى ينجو من الآجالِ - الشريف المرتضى

من ذا الذى ينجو من الآجالِ
فى هابطٍ من أرضهِ أو عالِ ؟

و منِ المعرّجُ عن صروفِ نوائبٍ
يُجرَرْنَ فيه أو حُتوفِ ليالِ؟

يا قربَ بينَ إقامة ٍ وترحُّلٍ
و الصّبحُ صبحُ العيش والآصالِ

و إذا اللّيالى قوّضتْ ما تبتنى
فكأنَّها ما بلَّغتْ آمالي

ما لي أُعلَّلُ كلَّ يومٍ بالمُنى
وأُساقُ من عِدِّ إلى أَوشالِ؟

ويغرُّني الإكثارُ من نَشَبٍ وما الـ
ـإكثارُ إلاّ أوَّلُ الإقلالِ

قطِّعْ حبالكَ من فتى ً عصفَتْ به
هُوجُ المنون فقد قَطعتُ حبالي

كم من أخٍ عُرِّيتُ منه بالرَّدى
فعططتُ قلبى منه لا سربالى

ووصلتهُ حيّاً ولمّا أن أتتْ
رُسُلُ الحِمامِ إليهِ ماتَ وِصالِي

جَزعي رخيصٌ يومَ فاجَأَ فقدُه
قلباً به صبّاً وصبريَ غالِ

ونبذته فى حفرة ٍ مسدودة الـأعماق عن ريحى ْ صباً وشمالِ
ـأعماقِ عن رِيحَيْ صَباً وشَمالِ

وكأنّه لمّا مضى بمسرّتى
عَجِلاً أتاني من مَطيفِ خيالي

حتّى متى أنا فى إسارِ غرورة ٍ
وَرْهاءَ تَسحرني بكلِّ مُحالِ؟

ما لي بها إلاّ الشَّجا وعلى الصَّدى
وقدِ استطالَ عليَّ غيرُ الآلِ

بخلائقٍ مملولة ٍ مذمومة ٍ
عوجٍ ولكنْ ما لهنّ ملالى

أوَ ما رأيتَ وقد رأيتَ معاشراً
سكنوا كما اقترحوا قلالَ معالِ

حَكُّوا بهامِهِمُ السَّماءَ وجرَّروا
فى الخافقين فواضلَ الأذيالِ

وتحلّقوا شرفاً وعزّاً باهراً
والموتُ حطّهمُم الأجبالِ

من كلِّ مَهضومِ الحَشا سَبْطِ الشَّوى
كَرَماً وممتدِّ القناة ِ طُوالِ

دخّالِ كلِ كريهة ٍ ولاّجِها
جوّابِ كلِّ عظيمة ٍ جوّالِ

متهجّم إذْ لاتَ حين تهجّمٍ
واليومُ مثرٍ من قنًى ونصالِ

وإذا همُ سئلوا ندًى وجدوا وقد
سبقوا إليه قبل كلّ سؤالِ

طلعوا على أُفقِ النَّدى في ساعة ٍ
لا طالعٌ فيها طلوعَ هلالِ

يا نازحاً عنِّي على ضَنِّي بهِ
خذ ما تشاء اليومَ من إعوالى

قد كنتُ ذا ثقلٍ ولكنْ زادنى
فيكَ الرَّدى ثِقْلاً على أثقالي

يا ليتَني ما إنْ تخذتُك صاحباً
وأُحيلَ ودٌّ بيننا بِتَقالِ

فارَقْتني وأُخِذْتَ قسراً من يدي
من غيرِ أنْ خطرَ الفراقُ ببالي

من ذا قضى من شملنا بتبدّدٍ
ورمَى اجتماعاً بيننا بزِيالِ؟

إنْ يَسلُ عنك الجاهلون محاسناً
عرَّسْنَ فيك فلستُ عنك بسالِ

أوْ لَمْ تَرُعْهمْ بالفراقِ فإنَّني
مُذْ بِنتَ ممتلىء ٌ منَ الأَوجالِ

إنْ تدنُ منّي وُصلة ً وقرابة ً
فلأنتَ فى قلبى من الحلاّلِ

وأجلُّ من قرباك بالنسب الذى
لا حمدَ فيهِ قرابة ُ الأفعالِ

فدعِ التّناسبَ بالشّعوب فما له
جدوى ً تَفي بتناسبِ الأحوالِ

ما ضرّ خلّى أن يكون مفارقاً
في عنصري وخلالهِ كخِلالي

وإذا خليلى لم أطقْ فعلاً به
يكفى الرّدى زوّدته أقوالى

وسقى الإلهُ حفيرة ً أسكنتها
ما شئتَ من سحٍّ ومن هطّالِ

وأتَتْكَ عفواً كلُّ وَطْفاءِ الكُلى
ملأى منَ اللّمَعانِ والجَلْجالِ

وإذا مضتْ عَجْلى استنابتْ غيرَها
كيلا تضرّ بذلك الإعجالِ

وإذا انقلَبْتَ إلى الجِنانِ فإنَّما
ذاك التفرُّقُ غاية ُ الإقبالِ

ولقيتَ من عفو الإلهِ وصفحهِ
فوقَ الذى ترجو بغير مطالِ

وإذا نجوتَ السّوءَ فى يومٍ به
كانَ الجزاءُ فإنَّ كعبَك عالِ