ألم يأن أن تسلى مودة مهددا - بشار بن برد

ألم يأن أن تسلى مودة مهددا
فتخلف حلماً أو تصيب فترقدا

وما ذكرك اللائي مضين براجعٍ
عليكَ نوى الجيرَان حَتَّى تَبَدَّدَا

أجِدّكَ لاتَنْسَى بمقْصُودَة ِ اللِّوَى
عَشِية َ إِذْ رَاحَت تَجُرُّ المُعَضَّدَا

عَسِيباً كإيم الْجِنِّ مَا فَاتَ مِرْطُهَا
ومثل النقا في المرط منها ملبدا

تُرِيكَ أَسِيلَ الْخَدِّ أشْرَقَ لوْنُهُ
كشمس الضحى وافت مع الطلق أسعدا

وَنَحْراً يُرِيكَ الدرَّ لمّا بَدَتْ لَنَا
به لبة ً منها تزين الزبرجدا

وَحَمْرَاءُ كَلْوَاذِ الكثيبِ تَطَرَّبَتْ
فُؤَادِي وهاجَتْ عَبْرَة ً وتَلَدُّدَا

ثقال إذا راحت كسول إذا غدت
وَتَمْشِي الْهُوَيْنَا حِينَ تَمْشِي تأوُّدَا

ترَى قُرْطَهَا مُسْتَهْلَكاً دُونَ حَبْلِهَا
بِنَفْنَفِهِ مِن واضح اللِّيثِ أجْيَدَا

غَدَتْ بِهَوَانَا مِنْ رُفَاعَة َ نيَّة ٌ
شطون وهرٌ فاجعٌ من توددا

فَآلَى عَلى الهَجْرِ الرُّقَاد ولم تَزَلْ
نجيا لضيفان الهموم مسهدا

كأني غَدَاة کسْتَقْرَأَ الْحَيُّ هالِكٌ
شَرِبْتُ بِبَيْنِ الحَيِّ مِنْ سُمِّ أسْوَدَا

إذا انجاب هم آب آخر مثلهُ
وَلَمْ تَكْتَحِلْ عَيْنِي مِنَ الهَمِّ مِرْوَدَا

بِذِي اللَّوثِ مِنْ سِرِّ المهَاري كأنَّمَا
يَرُوح مُعَدًّى أن يَكِلَّ وَيَعْمَدَا

بدفيه آثار النسوع كأنها
مجرُّ سُيُولٍ في الصَّفَا حِين خَدَّدا

وناعمة ٍ التاويب عديت ليلها
بتَكِليفنَاهَا فَدْفَداً ثُمَّ فَدْفَدا

حميت الكرى عيناً لها واحتميته
إلى أَنْ جلاَ وجْهٌ مِن الصُّبْحِ أرْبَدَا

فَأَصْبَحْتُ أثْنِي غَرْبَ رَوْعَاءَ أوْحَشَتْ
بها جنة ٌ من طائر حي غردا

مواشلة مثل الفريدة عبدت
بشرقي وعساء السمينة مرقدا

رَعَتْ غِيبَة ً عَنْهُ وأضْحَى بغَيْبِهِ
لقى للمنايا بين دعصين مفردا

غدت وبها شيء وراحت بمثله
لِتُرْغِدَهُ من حَشْيِهَا أنْ تَرَغَّدَا

فَمَا وَجَدَتْ إِلاَّ مَجَرَّ إِهَابِهِ
وإِلاَّ إِهَاباً بالْقَفِيِّ مُقَدَّدَا

فسافت عليه ساعة ً ثم أدبرت
حديدة طَرْفِ الْعِينِ نَظَّارَة ِ العِدَا

رشِدْتَ أميرَ المؤمنينَ وإِنَّمَا
ظفرت ووليت الأمين المسددا

ونعم أمير المصر يصبح للقا
ودوداً وفي الإسلام عفا موددا

أغَرَّ عَلِيماً بالسِّيَاسَة ِ لَمْ يُقِمْ
عَنِيفاً ولارَثَّ القُوَى مُتَهَدَّدَا

يزين بعدلٍ ملكه ويزينه
مَحَاسِنُ دِيناً من يدين تأيُّدَا

من المنْعِمين الشُّمّ يجري بحِلْمِهِ
الأَراجِيَّ حَتَّى أورِدَ الهَمَّ مَوْرِدَا

رَحِيمٌ بِنَا سَهْل الْفِنَاءِ كأنَّمَا
يرانا بنيه بين كهلٍ وأمردا

فَبَلِّغْ أميرَ المُؤْمِنينَ وقُلْ له:
بَعَثْتَ عَلَيْنَا مَن أرَاحَ وأرْقَدَا

نكى زاده بالملحدين فأصبحوا
خَبِيئاً كمن تَحْتَ الثَّرَى أوْ مُجَرَّدَا

فزد من كفاك المصر حين هززته
فإن الذي يعنيك يعني محمدا

له صفد دانٍ وشعبٌ مؤخرٌ
وإِن سِيمَ خَسْفاً قَذَّمَ المْوتَ أسْوَدا

به نطحر الأقذاء عن سرياتنا
ونَلْقَى إِذا نأبَى الْجِنَانَ تَغَرّدَا

تَعَوّدَ أخْذَ الْحَمْدِ مِنَّا بمالِهِ
وكل امرئٍ جارٍ على ما تعودا

يجود لنا لا يمنع المال باخلاً
ولا اليَوْمَ إِنْ أعْطَاكَ مانِعُهُ غَدَا

كذلك تلقى الهاشمي إذا غدا
جواداً وإن عاودته كان أجودا

له شيمٌ تحكي أباً كان سابقاً
إذا قسمت كانت نحوساً وأسعدا

ومن عمه فيه شمائلُ أصبحت
وبالاً على قومٍ وإن كن ....دا

إِمَامانِ لاَيُدْرَى أهذَا بِسَيْبِهِ
على الناس أم ذا كان أم ذاك أعودا

هما جربا قبل الجياد وقلدا
فأيهما أشبهت كنت المقلدا

سَمَاحاً إِذَا مَاجَرَّتِ الحَرْبُ ذَيْلَهَا
وَعِزًّا إِذَا جَمْرٌ كَجَمْرٍ تَوَقَّدَا

تخولت مخزوماً وفزت بهاشمٍ
فأصبحت من فرعي قريشٍ مرددا

وأنت ابن من رادى أمية بالقنا
جِهَاراً وبالْبَصْرِيِّ ضَرْباً مؤيدا

أهب لهم فرسان حربٍ مطلة ٍ
وخُرْساً تَبَاهَى في السَّنَوَّر حَشَّدَا

فما بَرِحُوا يَسْدُونَ حَتَّى رَمَاهُمُ
بمُلمُومَة ٍ لم تُبْقِ نِيراً ولا سَدَا

فأصْبَحَتِ النُّعْمَى عَلَيْنَا وأصْبَحُوا
قَتِيلاً وَمَحْمُولاً إِليْكَ مُصَفّدَا

أبوك أبو العباس جلى بسيفه
وأنْتَ الْمُرَجَّى في قَرابة ِ أحْمَدَا

وكُلُّ أبٍ يُدْعَى لهُ سَيْفُ نَجْدَة ٍ
يُعَدُّ ويَسْمُو في المكَارِمِ مَصْعِدَا

وكم لك أم حرة ٍ حارثية ٍ
وأخْرَى مِن الصِّيدِ المقِيمِينَ مُرفَدَا

خزمت بمخزومٍ أنوفاً كثيرة ً
وهَشّمْت أخْرى بالْهواشِمِ حُشَّدا

ولابَيْتَ إِلاَّ بيْتُ مَجْدِكَ فَوْقَهُ
منيفاً يراعى الفرقدين مشيدا

وأنْتَ الهُمَامُ المسْتَجَارُ منَ الرَّدَى
مِرَاراً ومنْ دَهْرٍ طَغَى وتَمَرَّدَا

وإن يأتك المستشرعون فربما
أتوك فرويت القديم المصردا

فعالك محمودٌ وأنت محسدٌ
وهل تجد المحمود إلا محسدا

فرعت قريشاً في أرومتها التي
يَمُدُّ يَدَيْهِ دُونَهَا كُلُّ أصْيَدَا

يذبون عن وادٍ حرام وبيضة ٍ
إِذا أفْرَخَتْ أَحْيَتْ منَ الدَّهْر مُجْمَدا

أرى الناس ما كنتم ملوكاً بأمنة ٍ
ولو فقدوكم خالف القائم اليدا

وأنتْمْ سُقَاة ُ الحجِّ لوْلاَ حِياضُكُم
وأدْلُئِكُمْ لَمْ تَحْمَدِ الناسُ مَوْرِدَا

ورثتم رسول الله بيت خلافة ٍ
وعِزًّا على رَغْم العَدُوّ وَسُؤْدَدَا

لَكُمْ نَجْدَة ُ الْعَبَّاسِ في كُلِّ مَوْطنٍ
ويوم حنين إذ أشاع وأشهدا

مقيمٌ يذب المشركين بسيفه
حِفَاظاً وَقَدْ وَلَّى الْخَميسُ وَعَرَّدا

بني لكم العباس في شرف العلى
وَفَضْلُ ابْنِ عَبَّاس أَغَارَ وَأَنْجَدَا

وأَنْتُمْ حُمَاة ُ الدِّينِ لَوْلاَ دفَاعُكُمْ
لقد قذيت عيناه أو كان أرمدا

ومروانُ لما أن طغا وأتتكم
زَوَائرُ منْهُ بَادئَاتٍ وَعُوَّدَا

نصبتم له البيض اللوامع بالردى
وخطية ً أخمدن ما كان أوقدا

فَفَرَّقْتُمُ أَشْيَاعَهُ وَهَدَمْتُمُ
بِمُلْككُمُ الْعاديِّ مُلْكاً مُوَلَّدَا

فأصبح مطلوباً وآب برأسه
كتائب أدركن الحمار المطردا

وَمُسْتَوْقَعٌ عنْدَ الْبَرِيَّة أَنَّكُم
مُدَعُّونَ في الْهَيْجَا إِلَى من تَوَرَّدَا

أَنَخْتُمْ لَنا مَا بَيْنَ شَرْبَة جِيدَة
إِلَى الصِّينِ تُرْوُونَ الْقَنَا وَالمهَنَّدَا

فدًى لبَني الْعَبَّاسِ نَفْسي وَأسْرَتي
وَمَا مَلَكَتْ نَفْسي طَرِيفاً وَمُتْلَدَا

إِذَا حَارَبُوا قَوماً رَأَيْتَ لوَاءَهُمْ
يقود المنايا بارقاتٍ ورعدا

بأرعن تمسي الأرض منه مريضة ً
وتلقى له الجن العفاريت سجدا

أقول لسعدى حين هز عدوها
وجانبها المعروف ممن تزيدا

سيَكْفيكِ سَجْلٌ منْ سَجالِ مُحَمَّدٍ
وَعِيدَ الْعِدَى وَالْبُخْلَ ممَّنْ تَعَقَّدَا

سمام الأعادي من يديه وفيهما
..... فيهَا شفَاءٌ منَ الصَّدَا

إذا عزت الأنداد ذل نوالهُ
وسيان تذليلُ المواهب والندا

ذَرِيُّ الذُّرَى في الْمَحْلِ يُوري زَنَادَهُ
إذا المسهب المأمول أكدى وأصلدا

إِذَا آذَنَتْه الحَرْبُ آذَنَ نَوْمُهُ
بحربٍ إلى ان يقعد الحرب مقعدا

حَمُولٌ على المكْرُوهِ نَفْساً كرِيمَة ً
إذا هم لم يقعد بما كان أوعدا