منذ البداية - محمد حسن علوان

منذ البداية، لا أخفيكِ سيدتي
شعرتُ أنكِ يوماً.. سوف تمضينا

أخفيتُ ما بي.. وأعصابي ممزقةٌ
أودُّ لو ظلَّ ما أخفيه.. تخمينا

ظلّ الظلام شهوراً لا يفارقني
وأنتِ بين عيوني.. لستِ تدرينا

خشيتُ إن أدركت عيناكِ عاصفتي
أن يفلت الحب من أطراف أيدينا

منذ البداية هذا الشك يرسمني
رجلاً تلونه الأوهام تلوينا

منذ البداية لم أفهم علاقتنا
وما عرفتُ لها رباً.. ولا دينا

لا شيء يجمع فيما بيننا أبداً
إلا ضياعٌ على الأبواب يرمينا

شعرتُ أن غراماً نستعد له
سينتهي بعد حين من تلاقينا

مذ أن أتينا الهوى من دون عاطفةٍ
وما تركناه - كالمعتاد - يأتينا

مذ أن قتلناه أسئلةً.. وأجوبةً
مذ أن ملأنا دفاتره قوانينا

مذ أن تركناه يستجدي مشاعرنا
ونقلب الطرف عنه.. لا مبالينا

حبٌ كهذا بلا شكٍ ستركنا
يوماً.. ويرحل عن أطراف وادينا

ها أنتِ تعتذرين الآن باكيةً
كأن قلبي سينسى.. حين تبكينا

ها أنتِ في موسم الهجراتِ ذاهبة
مع الطيور التي طارت تطيرينا

في نفس تشرين سوف نموت سيدتي
كما التقينا.. فكم أوجعتِ تشرينا

عدنا يتامى.. كما كنا.. فأين مضى
ذاك الغرام الذي قد كان يؤوينا

عدنا نفتش في الكلماتِ عن أمل
رحنا نقلب في أكوام ماضينا

ملنا كما مالتِ القمحات ذابلةٌ
من قبل أن تبلغ الريح الطواحينا

ها أنتِ بعد الغرام أفقتِ راحلةً
ولبثتُ بعدكِ سكراناً به حينا

مللتِ من حبنا كم كنتُ منتظراً
دوماً.. متى من ضلالاتي.. تملّينا

شيءٌ على الشفة البكماء أخبرني
بأنني لم أكن من كنتِ تعنينا

أحببتني خطأ لو كنتِ واعيةً
فكرتِ قبل التورط من تحبينا

فلتذهبي يا ضياعي.. إنني رجلٌ
بحثتُ عن وطنٍ فيكِ.. وعن مينا

فراقكِ الصعب هذا.. ليس يدهشني
شعرت دوماً بأنكِ .. سوف تمضينا!