يقولُ أبو عمروٍ غداة تهلَّلت - بشار بن برد

يقولُ أبو عمروٍ غداة تهلَّلت
من العينِ درّاتٌ وفاض سفوحها

أجِدَّكَ مِنْ ريْحانة ٍ طَاب ريحُها
ظَلِلْتَ تُبكِّي خُلَّة ً وتنُوحُها

فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تُكثِر اللَّوْم إِنَّنِي
أتى مِنْ هوى نفْسِي علَيَّ جُمُوحُها

كَأنَّك لَمْ تعْلَمْ لعبْدَة َ حُرْمة ً
وأسرار حبٍّ عندنا لا نُبيحها

تثاقلت الذَّلفاءُ عنِّي وما درت
بذي كبدٍ حرّى يغصّ قريحها

وقد كادتِ الأيَّام دون لقائها
تصرَّم إلاَّ أن يمرَّ سنيحها

يُذكِّرُنِي الرَّيْحَانُ رَائِحة َ الَّتِي
إذا لم تطيَّب وافق المسكَ ريحها

عُبَيْدة ُ همُّ النَّفْسِ إِنْ يَدْنُ حُبُّها
وإن تنأ عنها فارق النَّفسَ روحُها

فلا هي من شوقٍ إليها تريحني
وَلاَ أنا منْ طُول الرَّجاءِ أريحُها

هواك غبوقُ النفسِ في كلِّ ليلة ٍ
وذكرتمو في كل يومٍ صبوحها

وَلِلنَّفْسُ حاجاتٌ إِلَيْكِ إِذَا خلَتْ
سَيَعْيَا بِهَا عِنْدَ اللّقَاءِ فَصيحُهَا

فلست بسالٍ ما تغنَّت حمامة ٌ
وَمَا شَاقَ رُهْبَانَ النَّصَارَى مَسِيحُهَا