صورة العائلة - محمد خضر

تلك التي التقطها المصور
في أواخر السبعينات
كانت أمي تسيل حناناً على الأبناء
بينما البناتُ بضفائرهن الثنائية
ينظرن إلى بعضهن
بعيداً عن عدسة الكاميرا
الصورة التي تركت لأعوام عديدة
بجانب النافذة
ثم انتقلت من غرفة إلى غرفة
حتى اختفت تماماً في سحارة العائلة
تلك التي زينها الإخوة ُ
بإطار خشبي مزخرف
عندما كبروا قليلاً
وراحوا يلمعون زجاجها كلما هب الحنين
الصورة التي جمعتنا معاً
ونحن نغلق ياقاتنا ونبتسم غير آبهين
ونحن ننتظر بشغف صارم
أن نخرج من الكاميرا
كما نرجو على الأقل
الصورة التي امتزجت بأحداث الأعوام الخوالي
خلقت الخلاصة
ورسمت حدوداً
لمزرعة البيت
وضوءاً في الملامح
والأعين
قادتنا إلى أن نلمس طفولتنا فيما بعد
أن نهرب من ذواتنا الآن
نحو تفاصيل الثياب القديمة
ورائحة البخور البلدي
التي لازالت تنبعث من موديل الكاميرا
الصورة التي تحلقنا حولها ذات مرة
متسائلين عن أخي الأوسط
ولماذا غطى وجهه بكفين مفتوحتين
لماذا كنا ثابتين ومحدقين
مثل الأحلام ؟
سكبنا الأسئلة منسابة على جودة الصورة
سكبنا الأمنيات والصلوات
على وفرة الحزن
أخذنا الملامح إلى ركنها المضيء
لتشرب قهوتها على شرفة الذكريات
أخذنا الغائبين إلى أرواحنا والأسئلة إلى سجادة البيت
هل نلتقط الان صورة أخرى ؟