حطب شخصي - محمد خضر

عليك أن تجهز حواسك
لمراقبة الحدث
أن تسجل بكاميرتك عالية الجودة
صورة الحرب
ووجوه الأعداء
عليك أن تكثف خطابك المطول
كي تصبح مثل مقولات ابن عربي المختصرة
ناعمة ولكنها تقتل
عليك أن ترفع لوحة من الزنك والمعدن والصفائح الملونة
وتكتب بعدة لغات
صرختك المكبوتة
حتى تفهم الظلال خطوات الريح الجديدة
عليك أن تجمع لقطات الأرشيف كاملة
تشطب كل الأشعار الطنانة
من قاموس أبجديتك
عليك أن تصنع أجنحة لا تطير
بل تزين المشهد بألوان مبهمة
لأن السماء ليست قريبة دوما
عليك أن تحفظ أشعار درويش وتوفيق الزياد
وديوان فدوى طوقان الأخير
وترحل معهم
حتى يصبح الأمل جديدا ومصقولا
مثل طلقة مسدس
عليك أن تتوقف عن لغة الأمجاد قليلا
كي لا تدهسك السيارات المسرعة
التي تمر في شارع اليوم
عليك أن تتداعى في الذكريات
خصوصا ذكريات الموتى
الذين يرون ملامحنا في مرايا السماء
ويبكون
عليك أن تطرز الحياة
بزخارف من الوهم
كي لا تستمر الحقيقة الصعبة
عليك ..عليك ..عليك ..عليك
عليك ..عليك ..عليك ..عليك
عليك ..عليك ..عليك ..عليك
عليك ..عليك ..عليك ..عليك
عليك ..عليك ..عليك ..عليك
عليك ..عليك ..عليك ..عليك
عليك ..عليك ..عليك ..عليك
عليك أن تنتشر في الأصقاع البعيدة
وتقتنع أخيرا أن الشؤم لغة حداثية
وفاعلة في عمليات السلام
عليك أن ترسم غابة واسعة
مليئة بشجيرات خضراء داكنة
وتجمع حطبك الشخصي
لنار الصبر
عليك أن تعلق خيباتنا
و وعود الجيران
على مشاجب جيدة الصنع
في الهواء الطلق تماما
كي ترف المواثيق
كأنها بيارق رسمية
قبل أن تسقط عليك
عليك ألا تؤجج جراحهم مرة أخرى بالكلام
والمشي في الشوارع المعروفة بالأعلام
والهتافات
والتوصيات
لأن السأم تجاوز سقفه الجغرافي
عليك أن ترتب مواعيد أخرى,
في أوراق صغيرة ومخططة
حسب الأيام والشهور..
بتواريخ عائمة
ثم عليك أن تذهب
إلى تلك المواعيد
في وقتها تماما
كي لا يغادر الموت دونك