العابرون في جنين - منير النمر

الليل مصباح الحريقْ..
ودم الحسينِ كرامة الوطن الغريق…
وقفت تناظر وجهها كجنين حين تبسّمت للموتِ
وانسلّ الظلام من البريقْ..،
فغرست في جبلي مآذن ربِّها..
وسرقت ذاكرتي، فلا حلُم يُفيق
الليل مصباح الحريقْ..
والعابرون بساحتي
سيُلملمون ضياء أجنحةٍ
تغرّد في الطريقْ
ماذا يعانق صوتهم.. أمّي.. جبالي..
منتهى الوجع السحيقْ…
*
العابرون بأضلعي نحتوا
إله البئر وانصرفوا
لذاك النجمِ.. ماتوا في كؤوس الفجر وارتشفوا هضابي
السود، وارتحلوا لمكةَ عبر أمواجٍ من اللهب المزركش بالسديم
و"أنا"يَ يسرقها عجوز البحرِ..
لا جُمِعَت رفات الحيِ..
لا رُثِيّتْ ملامحها..
ولا وقفت على أسوارِها مدني..
ولا فاقت على حرّية الموتى.. على جنديِّ مجزرةٍ قديم
صرخت لحود الروح:
(مجزرة هوت)..!!
والعابرون يسلّمون الموت أغنية..لُحوناً..
يبسمون بدمّهم.. ويعانقون سحابَهم..
حرّية الموتى لهم..
تأريخ مجزرة لهم..
موتي لهم.. ولهم "أنا"يَ، ودمعة الجمر المُلَهَّبِ والنسيم
عَرَبِيْ هناك يُسَلَّمُ البعض الندى.. عَرَبِيْ هناك يُهَجَّرون لمسلخٍ..
وعبيد قافلتي نيامْ..
أسياد قافلتي نيامُ..
نساؤهم تبكي.. فقط
وذكورهم موتى على جدث القبورْ
*
العابرون، وحلم "مِنْدُوْزَى"
وجرّة كربلاءْ
والخاتم السحريُّ، والزمن المُعادُ
وآية في الأنبياءْ
كانت ضباب شَرّع الأبواب.. ينحت في السماءِ
وكان موت الصامدين مدائن الموتى
وكانوا يجهلون ندى الدماءِ..
مدائنَ الموتى.. عبيدَ الموتِ.. يا وجعَ الليالي البيضِ..
يا كفنَ الشتاءْ
ماتت هناك عروبتي..
دُفِنَتْ معالم قريتي..
فأنا الركامُ..
أنا الحطامُ..
أنا إلهة موتها..
وليَ السلامُ..
ليَ السلام