نسرين - منير النمر

نسرينُ لا تزرعي بالطفل سكينا
عاشت لياليكِ وانذلّت ليالينا
نقتاتُ بالذلّ، والحرمان غايتنا
ونشربُ الكأس، والتشريد يسقينا
بنت الفرات تلظّى فوق أنهركِ
نهرٌ يُأرّق فيَّ الخبز والتينا
نهرٌ كنسرين لا زالت مطامحه
على الضفاف ندّيات يُسلّينا
نسرين كم راجمٍ طاغٍ يُسامركِ
مع الليالي.. مع الأحزان يُلقينا
وكم يُغرّد في بغداد مُفْتَجِعٌ
من الحصار، وكم جفّت قوافينا
نسرين لم ندرِ أين الغرب ينفينا
زواحفاً نتلقّى مَنْ يواسينا
لم نشتكِ العالمَ المحشود في أممٍ
بها الوحوش ولم نأتِ الثعابينا
يا أمّةً يبست أثداؤها، فمضت
تشري العواطف أو تشري البراذينا
فُجِعْتِ يا أمّتي في كلّ معتركٍ
آتٍ وماضٍ لعقباها.. لِيُثْنِيْنَا
أبا محسّد بغدادٌ تُراقصكم
وابن المعرّة قد باع الشياطينا
عشنا وأنت على حُلْمٍ لنحسبه
نبتاً يراقص هاتيك الدواوينا
لم نبرحِ الأملَ الساقي فوارسَنَا
ولن نزحزح إيماناً وتوطينا
آهٍ على وثبات الشّعر إذ وقفت
تُحييك طيفاً من الأشعّار يؤوينا
*
أ كلّما خَلَقَ الإنسان فلسفةً
حمقاء.. عجفاء تُلقى للمصلينا
*
تزاحمت بندى الألباب وانتفضت
منها المطالع لم تعرفْ مضامينا
يا ابن (الفراتين) لا زالت نوائحنا
في كلّ يومٍ تُلاقي وجه (رابينا)
نسرين لا ضمكِ الوادي ولا اجتمعت
في قلب رؤياكِ آفاتٌ، فتُدنِينَا
باعوكِ نسرين للتنكيل فاحترقت
أرض العروبة وازدادت مُرَابِيْنَا
هذا العراق كأسيافٍ مقطّعةٍ
يعيش جيلٌ بِكِسْرِ الخبز مسكينا
سمحٌ تلألأ في وجنات أخيلتي
وعبقريٌّ من الأفذاذ ينجينا
(أنا العراق لساني قلبه
ودمي فراته وكياني للمحبّينا)