ملكة النوارس * - منير النمر

عندما سيحلّ هذا المساء، سيأتي إليكِ أناس يطلبون يدي…
الفدائية عندليب خليل طقاطاقة إلى والدتها قبيل خروجها لتفجير نفسها (الشرق الأوسط عدد 8543)
***
كوجه البطولة تغدو شرايين صمتكِ
بارودة في سناء السنينْ
وكم لاحَ خَلْفَ قميصكِ إسمي
وعاشت بجدرانه سكرات الحنين
تمادى كبغيٍ على جسدي، فكنتِ تصونين عرض الرجالِ وما أصبح الفجر إلا نواة تُراقص فجر الجبين
أ عرسكِ هذا ؟!!
شهيد يُزَفّ إليكِ، وأنتِ القيامة.. أنتِ حضارة يثرب..
أنتِ مفاتن كلّ السنين
وعاما، فعاما.. أراكِ على شرفتيَّ لتحيي الورودَ، وتَسْقِي الكؤوس ندى الياسمين
(وفاء) أ يدرك (أدريس) هذا..؟
أ يدرك أن جبين النبوة أنتِ..
وأنّ نخُيلات مكة كانت سماء
تحيط بقدسٍ تمناه ربٌّ، وعانق في ضفتيه ملاكا تسامى على العالمين
زغاريد روحي..
مفاتن سمعي..
ورجمي.. وكل حجارٍ تهاوت على مشنقات العذارى..
تمنيتُ إسمَكِ حبّا يُعانق فيَّ شتاء الحنين
وكم يرجم الموت روحاً
ولكنّ فجرك باقٍ
ليعصرَ في منتهايَ اشتهائي
ويرسم للحب أمي..
يعري حياتي
ويسلب من شفتيَّ نداءً فيالكِ من نشوةٍ
ستعري المساءَ كنجمٍ تلوح على بعده معجزات الرنينْ
(وفاءٌ) تمنيتُ حُلمَا يُغرد في حاجبيكِ
وكنتُ سحابا يحرض في شفتيكِ الحياة وينثر كلّ الفحولة فيها
سبقتي خرائط كل التمردِ..
ماتت قوافيَ في خمرتي وراحت بأقطار عمري سُهى.. ياسمين
(وفاءٌ) ألم يُشرق الصبح يوما ؟!!
ألم تعشقين رجالا ؟!!
ألم تتشهي ذكورة حبي.. حياة الكرامةِ.. عمر الصلاةِ
نداءا من اللهِ… ماذا ؟!!
أهل يُرْجِعُ الحلم ربّا ؟!!
فبُعْدَّكِ أدمى عروش النخيلْ
وفستان عرسك ما زال عندي
قوافيه صامتة في زوايا الحضارةِ
ترسم في أوّلات الغروب حياتي وترنيمة من حنين
فضاء الشهادة نحن رهانٌ
وأنت سناء الرهانِ وكل التواريخ جمر يُبعثر ظلم السنين
تعريتُ حتى سئمتُ العروبةَ..
أنتِ الستار الذي لا يلين
وفودا.. وفودا.. لكِ العشق يلهو
ولي زمنٌ تتعرى به تمتمات اليالي..
وكنتُ من الرجس أقرب شيءٍ
وأنتِ على جمرتيَّ كأمٍ تلاطفُ ماء وطين
سأمتُ حياة التسكع لم أغفُ
في كأس خمرٍ وفي خاطري ذكريات تدلّت على ريشها ذكريات خيالٍ
يُعانق في خَفْقِ عينيكِ أُمّي..
وينثر للترب دمعا..
عناقيدَ مقبرةٍ..
سناءَ رصاصٍ..
دماء الجبين…
(وفاء) على ضوء عينيكِ تحَيا صلاتي
فتنشد في ظلمة الموت أغنيةً
تُزِيْل القيودَ، وتبعث أشلاءَ - حبّي - مبعثرةً كصراخ الرّنين
تشوّقتُ حدّ كرامةِ موتِكِ..
كنتُ أعيشُ بوهمي على ساحلٍ
تدكُّ به شفتاكِ رياءَ الملوكِ
أسافرُ عشقا لموتٍ تُسَلِّي الشهيدَ بهِ
وتُعطيه أمنيةً.. مساء..
ونورسةً تُزيح الشكوك..
لا أعرف الحبّ إلا لديكِ
فكم رحتُ أشقى ومبغى السفائن يحبو..، وكم ضُكَّ نهد
تسربل في السافلين
مضيتُ رهانا يشدّ قوافيه
نحو سماء البطولةِ..
نحو شهيدة عرسي..،
وعرسي كرامة هذا (الجليل)
وفاءُ فلسطين هذا ضباب الشوارع أمسى ليكسو دماكِ
ويزرع وردا يغطّي مفاتن وحي الشهادةِ.. يزرع فيكِ
نبوّة كلّ شهيدٍ، فموج الشهادة جاء يعزي الرجال ويرسم ترنيمة للسنين
وفاءُ التراب سحاب
يغطي مجامرَ قدسي
وعطر الدماء على عتبات الرصيفِ شهيد سيتلو شهيد
لكِ الله من أيّ بردٍ
يدفئ في أضلعيكِ الصلاةَ
ويعشق في عتمات الصباح عيونا تشفّت من الخانعين
ولي من يديكِ قوافٍ تعانق حبري
وترسم لي منتهايَ..
تذيب اشتياقي لزاويةٍ لو تسكعَ شعريَ فيها
يروح صراعا بنهدٍ حزين…
أشدُّ على إزرقاق الفضاء حياتي
فَلَيْ حَلْمَتَاكِ
ولي تضحيات مسائية..
ونساءٌ يخبئن حبّي
ويَسْكَرْنَ بالوجد في ظلمةٍ ترشفُ المستحيلات بين مسافة عشقي..
أهزُّ على تمتمات الأنين نضالي
وكم يحُزن الفجرَ موت
جميل تلاقيه أنتِ
بعمر الشتاءِ، وخلد يعانق فيكِ السنين
لكِ الله والجمر..
كلّ الدماء التي لا تلين
_______________
* وفاء أدريس.. أول أنثى تفجر نفسها من أجل الحرية…