غضب الحياة - منير النمر

تلألأ في تربكِ نور الله، ومنذ سنين وأنتِ تتغنين بالدّم العربي أنتِ يا قدس شفاهٌ تقبل أضواء الحرّية وترسم طعماً لحياة أبدية...
*
دمُ يثور على أفيائه السمر
ويُسْتَفَزّ على أنغامه الحجرُ
لم يبقَ للسّلم راياتٌ تحدّثنا
بأنّ دمعة حرٍّ مسّها الخطر
وأنّ داجية الإذلال في كبدٍ
وأنّ مخلبها كالنار ينصهر
حُرّرت يوسف من صهيون فاحتشدت
لمثلك القوم تسعى وهي تبتكر
أقصى تماسكْ على أضواء أخيلتي
فأنت وحيٌ من الآيات يُنْتَظَر
وأنت (كـالصخرة الشماء) آنسها
(طفلٌ) تراقص في أجفانه السهر
*
عطشى حياة صغيرٍ راح يُثكلها
حقد الرصاص فلا (طفلٌ) ولا شجر
يا راهب الموت جدّدْ كلّ أُغنيةٍ
الثأر يَنْشِدها والقيد والوتر
حررْ زنادك لا تأبه بشاردةٍ
واعبدْ لياليك مشتاقاً لمن نُحروا
إنّ الدماء التي ناحت بصاحبها
قالت: بأنّ مسيح الله ينحسر
صُلِبْت يا وجع الأحلام، فانتفضت
من نبض صَلْبِك آيٌ مسّها الكدر
من تحت (قبّتك الخضراء) ساريةٍ
الله وحدها و(البيت) والنُذُر
إيهٍ فلسطين والأحلام بارقةٌ
برق الليالي، فغنّي أيّها القمر:
(مازلتِ يا قدس نجماً شاء خالقه
بأنْ يرانا على الأبواب نَعْتَمِر
وأنْ يرى بهدى مسراكِ داجيةً
وجه السراب بها كالنور يَبْتَصِر)
*
وأنت أقصى على نبضي وأوردتي
بات الضمير على رُؤياك ينتحر
أقام ثورته بالحرف فاحتشدت
مخازي العار لا تُبقي ولاتذر
يا أُمّةً دنّس الطاغون قِبْلَتَهَا
ورفرف الظلم وانذلّت به البشر
أ يُصبح الوطن المعطاء في خجلٍ
يُمسي، فيُصبح فيه الموت والشرر
*
الحاكمون على الأرزاء وحدتهم
والخانعون على أثدائهم بُصِروا
وهذه القدس آمالٌ مقيدةٌ
تحيكها الحرب والقطّاع والهِجَر
إيهٍ فلسطين والأوجاع ترسف بي…
والله أوعدني.. القدس تنتصر