طَلَبُ الأَمْنِ في الزَّمَانِ عَسِيْرُ - عبد الله الخفاجي

طَلَبُ الأَمْنِ في الزَّمَانِ عَسِيْرُ
وَحَدِيْثُ المُنَى خِدَاعٌ وَزُورُ

تَبْدَهُ الحَازِمَ الخُطُوبُ فَإنْ
قَدَّرَ أَبْدَتْ مَا أَغْفَلَ التَّقْدِيرُ

وَإِذَا قتَّرَ البَخِيْلُ فَلِلأَ
يَامِ في طَيِّ عُمْرِهِ تَبْذِيْرُ

لا تظنَّ الفقيدَ أفردهُ البينُ
ـنُ فَقَدْ أَعْجَلَ المُقِيْمَ المُسِيْرُ

سَلْ بِغَمْدَانَ أَيْنَ قَاطِنُهُ سَيْـ
ـفٌ وَقُلْ لِلْنُعْمَانِ كَيْفَ السَّدِيرُ

عدلَ الدهرُ فيهمُ قسمة َ الجورِ
ر فَلا عَامِرٌ وَلا مَعْمُورُ

يا سوادَ الهموموِ صرتَ على الأيامِ
لمَّا ضاقتْ عليكَ الصدورُ

إنَّ في جانبِ المقطمِ مهجوراً
راً وَمِنْ أَجْلِهِ تُزَارُ القُبُورُ

ومقيماً على المعرة ِ تطويهِ
اللَّيَالِي وَذِكْرُهُ مَنْشُورُ

وَضَرِيْحَيْنِ بِالعَواصِمِ مَبْذُولِيْنَ
وَالصَّبْرُ عَنْهُمَا مَحْظُورُ

وَغَرِيْباَ بِالدَّيْرِ بَانَ لَهُ العَيْشُ
وَغَاضَ النَّدَى وَمَاتَ السُّرُورُ

صارمٌ فلتِ النوائبُ حديهِ
وغصنٌ تحتَ الثرى مهصورُ

عُصْبَة ٌ كنُتُ أَدَّعِي فِيْهِم
وصبري لؤمٌ عليهمْ كثيرُ

وحياتي غدرٌ فهل لوقائي
أجلٌ عاجلٌ وعمرٌ قصيرُ

أيها الظاعنونَ لا زالَ للغيثِ
رواحٌ عليكمُ وبكورُ

لَسْتُ أَرْضَى بِالدَّمْعِ فِيْكُمْ فَهَلْ
يَمْلِكُ رَيَّ البُحُورِ إِلاَّ البُحُورُ

قَدْ رَأَيْناَ دِيَارَكُمْ وَعَرَفْنَا
أثراً منْ عفاتكمْ مهجورُ

وسألنَا أطلالهَا فأجابتْ
وَمِنَ الصَّمْتِ وَاعِظٌ وَنَذِيْرُ

أَيُّهَا الظَّاعِنُونَ لا زَالَ
فَارَقَتْهَا عِنْدَ الكَمَالِ البُدُورُ

تفهمُ الغافلينَ كيفَ يحولُ
الدَّهْرُ عَنْ عَهْدِهِ وَكَيْفَ يَجُورُ

يَا نُجُومَ العُلَى غُرْبتُمْ وَمَا
أسى ً ما القلوبُ إلاَّ صخورُ

يَا ديارَ الأحبابِ غيركِ الدهرُ
فكانتْ بعدَ الأمورِ أمورُ

أينَ أيامنَا بظلكِ والشملُ
جميعٌ والعيشُ غضٌّ نضيرُ

نَشْوَة ٌ أَعْقَبَتْ خُمَاراً مِنَ الهَّمِ
وَلَكِنْ قَدْ يفرقُ المَخْمُورُ

وَزَمَانٌ مَضَى فَمَا عُرِفَ
إلاَّ بمَا جناهُ الأخيرُ

يا نجومَ العلَى غرتُم ومَا
فِي اللَّيْلِ مِنْ بَعْدِكُمْ نُجُومٌ تَفُورُ

طَالَ عَمَّا عَهِدْتُمُوهُ وَلَمْ
يَجْرِ عَلَى رَسْمِهِ الصَّبَاحُ المُنِيْرُ

وعفَا الجودُ فالكريمُ بخيلٌ
في الملماتِ والغنيُّ فقيرُ

وَتَسَاوَى الوَرَى فَلَمْ يَبْقَ مَشْكُورٌ
رٌ علَى منة ٍ ولا معذورُ

لا يُجَاوِرُكُمُ الصَّعِيْدُ بِسُوءٍ
للنازلينَ بئسَ المجيرُ

وَسَقَاكُمْ مِنَ السَّحَابِ صَنَاعُ
الكفِّ يسدِي في روضكمْ وينيرُ

كُلَّ غَنَّاء يُقْطِعُ الغَيْثُ عَنْهَا
وَلَهَا أَعْيُنٌ مِنَ النُّورِحُورُ

عارض مغضبٌ علَى المحلِ
لا يَخْطُرُ إلاَّ وَسَيْفُهُ مَشْهُورُ

أشرقتْ فيهِ للشقيقِ خدودٌ
وَأَضَاءتْ مِنَ الأَقَاحِي ثُغُورُ

يثقلُ الماء خطوهُ فترجيهِ
النعامَى كما يرجّي الحسيرُ

عمَّ معروفهُ ففِي كلِّ وادٍ
مِنْ أَيَادِيهِ رَوْضَة ٌ وَغَدِيْرُ

وعلَى العزمِ أنْ يجودَ عليكُمْ
واهبٌ بالنوالِ منكمْ جديرُ

ما أرى الشعرَ كافياً في مراثيكمْ
وَلَكِنْ قَدْ يَنْفُثُ المَصْدُورُ

وَإِذَا مَا أَطَلْتُ فِيْهِ وَلَمْ يُشْفِ
غَلِيْلاً فَكُلُهُ تَقْصِيْرُ