حُييتما من دمنتي طللينِ - علي بن محمد التهامي

حُييتما من دمنتي طللينِ
عطلين موحشتين مقفرتين

عفّى عراصُهما على طول البلى
نوءُ الرشا وبوارحُ الفرعين

ومحاهما من آلِ محوة والصِّبا
أذيالُ غاديتين رائحتين

وكأنما أبقين من رسميهما
طرسين من أثواب ذي القرنين

يا من رأى ظُعن الخليط كأنها
نخلُ الربى أو دوم ذي الحدقين

يقطعن بالأحداج بطن مقضّبٍ
قلت الربى ومشارق الجبلين

من كلّ بيضاءَ الجبين خريدة ٍ
صفر الحشا سحّارة العينين

تصطاد ألباب الرجال كأنما
ترمي ببعض عزائم الملكين

وتختال مبسمها ولؤلؤ عقدها
دُرّين مؤتلفين منتظمين

وإذا مشت قطف الخطى فكأنها
ملكُ الخورنق ماس في بردين

تزهو على القمر المنير بوجهها
وتتيهُ من حسنٍ على الثقلين

فبنرجس العينين سحر إن رنت
أو أسفرت فشقائق الخدّين

ولها سلاحٌ لا يضرّ دنوُّهُ
والبعد منهُ جالبٌ للحين

ريانة الخلخال ظامئة الحشا
هركولة ٌ خرعوبة الساقين

ريا العظام نديّة أعطافها
رخص البنان دقيقة الخصرين

قد كان لي عيش بهنَّ فخانهُ
صرفُ النوى وتقلّب العصرين

أيام لم يُقصِ المحبّين النوى
عنا ولم ينعق غراب البين

قالت بريهة إذ شجتها رحلتي
ورنت مناظرتين باكيتين

فحسبت أدمعها ولفظ عتابها
دُرّين مفترقين منتثرين

أنّى تريدُ ترحلاً عن أرضنا
نفديك بالأبوين والأخوين

فأجبتها صبراً فإني ناهضٌ
عنكِ الغداة صبيحة الإثنين

ولأقتلنَّ العُدمَ قتلة ثائر
بالجود من نفحات كفّ حسين

الماجد ابن أبي هشام ذي النّدى
محض الفخار مهذّب الجدين

ورثَ المعالي عن أبيه وجده
فنشا بمجد معلم الطرفين

بيت السماح جماهريٌّ مجدهُ
تعلو به يمن على النّجمين

يُفضي لهيبته الزمان إذا انتضى
عضب المنابر باتر الحدّين

متقلدٌمن رأيه وحُسامه
سيفين قد نيطا إلى كتفين

نعمٌ تباح لراهب أو راغبٍ
جمّ المواهب باسط الكفّين

حاز الفخار بجدِّه وبجَدّه
فهو المفضّل كامل الشرفين

ياأيها المولى الأجلُّ ومن لهُ
همم تجاوز مطلع القمرين

ما أنت فاعلهُ الغداة بشاعر
رثِّ الثياب مشعثِّ القدمين

قد طاف في طلب العُلى وادي القرى
والعزِّ من عدن إلى السّدين

وإلى عمان وفارس ثم انتحى
بالريّ نحو جزيرة البحرين

وأقام في شيراز سبعة أشهر
وأناب من كل بخف حنين

وأنا على الأيام أعتبُ عاتبٍ
ونداك يقضي بينهن وبيني

لا زلت في رُتَب المعالي ساحباً
ذيلَ المكارم مُسبل الكمين

ما نوّر الإصباحُ جلبابَ الدّجى
وتجاوب الطيران في غصنين