لو حفظت يوم النوى عهودها - عماد الدين الأصبهاني

لو حفظت يوم النوى عهودها
ما مطلت بوصلكم وعودها

ماذا جنت قلوبنا حتى غدا
في النار من شوقكم خلودها

لم أنسها إذا نثرت دموعها
في خدها ما نظمت عقودها

إذا قربتني للوداع نحوها
فبان في وصالها صدودها

كأسهم الرامي متى قربها
يكون تقريبها تبعيدها

محمد يحمد عيش بلدة
مالكها بعدله محمودها

مؤيد أموره بعزمة
من السموات العلى تأييدها

آثاره حميدة وإنما
للمرء من آثاره حميدها

إن الورى بحبه وبغضه
يعرف من شقيها سعيدها

قد جاءكم نور من الله فمن
به اهتدى فإنه رشيدها

جلا ظلام الظلم نور الدين عن
أرض الشآم فله تحميدها

إن الرعايا منه في رعاية
ونعمة مستوجب مزيدها

لنومها يسهر بل لأمنها
يخاف بل يخصبها بجودها

بالدين والملك له قيامه
وللملوك عنها قعودها

ودأبه ثلم ثغور الكفر لا
لئم ثغور ناقع برودها

قد أسبغ الله لنا بعدله
ظلال أمن وارف مديدها

غدا ملوك الروم في دولته
وهم على رغمهم عبيدها

لما أبت هاماتهم سجودها
لله أضحى للظبى سجودها

إن فارقت سيوفه غمودها
فإن هاماتهم غمودها

كم مغلقات من حصون عزمه
مفتاحها وسيفه إقليدها

قد ودت الفرنج لوفرت نجت
منك ولكن روعها يبيدها

قهرتها حتى لود حبها
من ذلة لو أنه فقيدها

أماتها رعبك في حصونها
كأنما حصونها لحودها

وإن مصرا لك تعنو بعدما
لسيفك العضب عن صعيدها

والملة الغراء خال بالها
عال سناها بك حال جيدها

مفترة ثغورها ممنوعة
ثغورها محفوظة حدودها

وإن بغى جالوتها ضلالة
فأنت في إهلاكه داودها

يا ابن قسيم الدولة الملك الذي
خرت له من الملوك صيدها

دع العدا بغيظها فإنما
يذيب أكباد العدا حقودها

يا دولة نورية أمن الورى
وخصبها وجودها وجودها

ما مثل الدنيا لمن يجمعها
بالحرص إلا قزة ودودها

أنت الذي يرفضها عن قدره
فلا يشوب زهده زهيدها

فابق لنا يا ملكا بقاؤه
في كل عام للرعايا عيدها

في نعمة جديدة سعودها
ودولة سعيدة جدودها