لائم للمحب غير ملائم - عماد الدين الأصبهاني

لائم للمحب غير ملائم
هام قلبي وقلبه غير هائم

لم يزل واجدا علي لأنني
بت للوجد واجد وهو عادم

أغتدي للهوى سليبا سليما
وهو سال من الصبابة سالم

ناصحي غير عالم بالذي بي
ومن الغبن ناصح غير عالم

خل ياخل في الهوى عذل صعب
واجد من لواذع العذل واجم

لا ترع بالملام من ليس يخشى
في سبيل الغرام لومة لائم

لا تظن الهوى مفارق قلبي
فهو وصف كما علمت ملائم

لفؤادي ضمانة وغرام
أتلفاه بلا ضمين وغارم

نار وجدي دخانها في شحوبي
وفؤادي صال ووجهي ساهم

قد كتمت الهوى وباح به الدمع
فسري ما بين مفش وكاتم

من لصب رمته مقلة رئم
حبه من ضميره غير رائم

لجفون البيض الصوارم بيض
لم تزل في الجفون وهي صوارم

وبوادي العذيب أدم ظباء
فاتكات لحاظها بالضراغم

وبنفسي ظامي الوشاح على عذب
لماه قلبي المعذب حائم

فحمى العشق آهل الربع منه
وحمى الصبر عنه عافي المعالم

ساحر طرفه وساج وإني
لتمنيه ساهر اطرف ساجم

قرب الطيف وصله وهو ناء
وأتاني مستيقظا وهو نائم

أنصفاني رأيتما قط ملظوما
قضى نحبه على حب ظالم

حبذا والحبيب في الوهل مني
راغب والحسود بالكره راغم

وسقى الله عيشنا المتقضي
ورعى الله عهدنا المتقادم

حين عصر الصبا كحالي حال
وهو في مرة كأحلام حالم

فليالي العراق بيض من البيض
غوان من الغواني اغونم

وزماني مساعد ورفيقي
في الهوى مسعد ودهري مسالم

ومنادي المنى مجاوبه الإسعاف
والسؤول للنجاح منادم

ومن الأكرمين كل نديم
لست من قربه مدى الدهر نادم

ما فقدنا السرور إلا هدانا
كل هاد لما بنى الهم هادم

وبذاك الجناب أوطان أوطاري
كما أنها مغاني المغانم

ومراد المراد بالعرف زاه
ومراح المراح بالعرف فاغم

ومبيتي ما بين كأس وثغر
راشفا منهما متى شئت لائم

ورد خد ند وغصن قوام
ذا جني غض وذلك ناعم

فأنا اليوم بالشآم وحيد
لسنا البارق العراقي شائم

لا ودود على وفائي مقيم
لا وفي بشرط ودي قائم

أبدا بين همتي وزماني
في اقتراحي وفي اطراحي ملاحم

عظمت همتي وها أنا استصغر
في المطلب العظيم العظائم

مانجا من مطاعن العجز راض
بملاه من عيشه ومطاعم

مبتغى قلبي المشوق ببغداد
وجسمي نائي المحل بجاسم

ليت شعري متى يبشر عني
أصدقائي فيها بأني قادم

مالشملي بها سوى أمر مولاي
عماد الدين المملك ناظم

واحد العصر ثالث الشمس والبدر
وثاي الحيا بغير مزاحم

إن يكن مانح المراحم بالجود
فبالبأس مانع للمحارم

شيد المجد وهو في المهد شدت
بتمام العلى عليه التمائم

وهو بالحزم مدرك كل سؤل
ولعمري كم حازما رام حازم

نطق قس ورأي قيس وإقدام
علي وجود كعب وحاتم

وندى فرق الخزائن مقتادا
إلى المعدم الغنى بالخزائم

بشر البشر منه كل مرج
ديمة الخير بالنجاح الدائم

طلعة طلقة وباع طويل
ويد بسطة وثغر باسم

وعطايا غزر وعز أياد
وسجايا زهر وبيض عزائم

كفلت كفه بنجح الأماني
ونشور الآمال وهي دمائم

فله في التقى مآثر نزهن
سجاياه عن جميع المآثم

ما رياض فاحت لطائف أنافس
صباها لطائف ولطائم

أظهرت سر نشرها فكأن قد
مشت الريح بينها بالنمائم

وشي أنوارها المفوف أسدى
وأنارت فيه أكف الغمائم

كقدور تعلقتها قلوب
ذات شجو غصونها والحمائم

فبشدو الغناء للورق أعراس
وبالنوح للحمام مآتم

من سجايا بني المظفر أبهى
ومساعيهم الحسان الكرائم

ما استقامت إلا بهم سنة الشرع
ودين الهدى ودولة هاشم

واستوت في خضارم الرأي فلك الملك
منهم على مراسي المراسم

أحسنوا العفو والتجاوز حتى
مهدوا حرمة لأهل الجرائم

كم بكت أعين الليالي فعادت
وهي اليوم ضاحكات المباسم

وبشمس الورى علي أبي نصر
تجلى عنا ظلام المظالم

ذو نوال لكل عاف معاف
ولسقم الرجا مداو مداوم

ففداكم بني المظفر عاص
لم يطع أمره من الأمر عاصم

من محاسنة المحاسن بالشر
وما زال للمساوي مساوم

كم رديء رد وساع كمين
في سعير وجاحد في جاحم

يا ابن من حكمه على الخلق طرا
وعلى ماله مرجيه حاكم

أنا راق في هضب علياك مدحا
ولطرز الثناء بالنظم راقم

غير قاص عن قاصد لك عرفا
لفقار افتقاره هو قاصم

لم يزل فائزا بصدق الأماني
كل راج لظنه فيك راجم

بالموالين قوة للموالي
والخوافي بها نهوض القوادم