عفا الله عنكم عن ذوي الشوق نفسوا - عماد الدين الأصبهاني

عفا الله عنكم عن ذوي الشوق نفسوا
فقد تلفت منا قلوب وأنفس

ألم تعلموا أني من الشوق موسر
ألم تعلموا أني من الصبر مفلس

ظننتم بعيني أنها تألف الكرى
فهلا بعثتم طيفكم يتجسس

عذاب فيكم عذب
وقتلي لكم حل

وهذا الدمع قد أعرب
عن شوقي فاستملوا

وهذا الدين قد حل
فلم ذا الوعد والمطل

أعيذوني من الهجر
فهجرانكم قتل

هبوا لي لقية منكم
فبالأرواح ما تغلو

وإن شئتم على قلبي
وسلوانكم دلوا

لفقد الملك العادل
يبكي الملك والعدل

فأين الكرم العد
وأين النائل الجزل

وقد أظلمت الآفاق
لا شمس ولا ظل

ولما غاب نور الدين
عنا أظلم الحفل

وزال الخصب والخير
وزاد الشر والمحل

ومات البأس والجود
وعاش اليأس والبخل

وعز النقص لما هان
أهل الفضل والفضل

وهل ينفق ذو العلم
إذا ما نفق الجهل

وإن الجد لا يسمن
حتى يسمن الهزل

ومذ فارق أهل الخير
ماضم له شمل

وكاد الدين ينحط
وكاد الكفر أن يعلو

على قلبي من الأيام
في خفتها ثقل

وقد حط على الكره
من الهم به رحل

ومن صلتبه في الدهر
أضحى وهو لي صل

تولى دوني الدون
وأبقى العز لي عزل

وأولى بي من الحلية
ما بينهم العطل

وماذا ينفع الأعين
من بعد العمى كحل

ولولا الملك الصالح
ماشدوا ولا حلوا

ولما أن زكا النجر
زكا في الكرم النجل

وجاء الفرع بالمقصود
لما ذهب الأصل

وجود البعض كما لكل
إذا ما فقد الكل

وليث الغاب إن غاب
حمى موضعه الشبل

وما كان لنور الدين
ولا نجله مثل

توكلت على الله
إذا ضافت بي السبل

وعلقت بحبل الله
كفي فهو الحبل