وليلة ٍ فيها قَصُرْ - كشاجم

وليلة ٍ فيها قَصُرْ
عشاؤُهَا معَ السَحَرْ

صَافِيَة ٍ من الكَدَرْ
تُقْضَى ولَمْ يُقْضَ الوَطَرْ

وَحْياً كَلَمْحٍ بالبَصَرْ
أَو خطرَة ٍ من الخَطَرْ

في مثلِها التذَّ السَهَرْ
واستوطَنَ الجنبَ الأبَرْ

تمحو إِساءَاتِ القَدَرْ
وتتركُ الدَّهْرَ أَغَرّْ

لهوتُ فيها مستَتِرْ
من طارقٍ عَلَى خَذَرْ

حيرانَ من فرطِ الذعرْ
إلاَّ الدَلالَ والخَفَرْ

ونفحة ُ النَّشْرِ العطرْ
أنستُهُ حينَ استقَرْ

هنّيتُهُ ثمَّ سَفَرْ
عنْ دَعَجٍ وعن حَوَرْ

وعارضٍ مثلِ القَمَرْ
يلوحُ في ليلِ الشّعَرْ

لا يَسْتَفِي منهُ النَّظَرْ
لوْ صوّبُوه لَقَطَرْ

وَمَبْسَمٍ عَذْبِ الأَثَرْ
فيهِ مَعَ الطيبِ خَصَرْ

أذيبَ من خَمْرٍ ودرّْ
يا مرحباً حينَ حَضَرْ

فارتاحَ مُشْتَاقٌ وَسُرّْ
سرورَ أَرضٍ بِمَطَرْ

أو عينِ أعمَى بنَظَرْ
أنكرتَ شيئاً فاعتَذَرْ

ثمَّ اعتذَرْتَ فَشَكَرْ
ثمَّ نَشَجتَ فزَفَرْ

ثَمَّ لَثَمْتَ فَنَفَرْ
نَفْرَ الظّباءِ إنْ نَهَرْ

ثمَّ تَجَاذبنا الأزُرْ
فَلا تَسَل عَنِ الخَبَرْ

ثم َّتأنَّى فنفَرْ
يا قُرْبَ ورد مَنْ عذَرْ

ما إِنْ دَنَا حتَّى سَطَرْ
ولا وَفَى حتى غَدَرْ

وَلِي إذا الهمُّ عَصَرْ
وَجَاشَ بَحْرٌ وزَخَرْ

عزمٌ على الهوى مُمِرّْ
وهمّة ٌ ذاتُ كِبَرْ

مع السّماكِ والمَجَرْ
بمثِلهَا أمري مُمَرْ

وسابحٍ نَهْدٍ طِمِرِ
لو سَابقَ الريحَ ظَهَرْ

أَو سَاجَل البرقَ فَخَرْ
أَو كاثَرَ البَحْرَ كَثُرْ

أَو بَادَرَ السيلَ بَدَرْ
أَو هَمَّ باللَّيلِ اعتَكَرْ

لولا الحُجُولُ والغُرَرْ
ومطلقُ الحدّ ذَكَرْ

عَضْبٌ بِمَتنيهِ أَثَرْ
مَدَّ الفِرِنْدَ وَزَجَرْ

فيهِ كما مدَّ النَّهَرْ
كَمَا التَقَى نَمْلٌ وَذَرّْ

وكاسياتٌ تنتَظِرْ
شتَّى الشّيَاتِ كالحبَرْ

هِيمَ إلى الصَّيدِ ضَمَرْ
مِنْ كُلِّ مِغْوَارٍ أَشَرّْ

يصمّ مأمولَ الظَّفَرْ
غارَ على الوحشِ مَكَرْ

يُعيرُها ولا يُغَرّْ
خَلاَ فإِنْ رَاعَتْ كَشَرْ

مسجّياً لِمَا هَصَرْ
أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرْ

مِنْ غير أن يَدمى الثغَرْ
منهُ بنانٌ أَو ظُفُرْ

والصّبحُ لّما ينفَجِرْ
والبرَكاتُ في البُكَرْ

في زمرة ٍ خيرٍ زُمَرْ
مِنْ نفرٍ أَيِّ نَفَرْ

من آل ساسانَ صُبُرْ
على تصاريفِ الغِيَرْ

قد جَلَبُوا الدَّهْرَ دُرَرْ
وجرَّبوا حُلْواً وَمُرّْ

موافقينَ في الحَضَرْ
مساعِدينَ في السَّفَرْ

ألهاهُمُ عن الوَتَرْ
وشدوِ غزلانِ السّتَرْ

نحوٌ وشِعرٌ وخَبَرْ
وَمُسْنَدٌ من الأَثَرْ

ويومُ فَخْرٍ يُدّكَرْ
فأَنْتَ منهُمْ في غَمَرْ

يُحْيي ويُغْذِي بالفِكَرْ
وَمُلَحٍ من الفِقَرْ

يطيرُ منهنّ الشّرَرْ
يا لكَ من قولٍ خَطَرْ

كالعِقْدِ حُلَّ فانتَشَرْ
عروضُ قولٍ مُشْتَهَرْ

سَارٍ لأَدْنَى من شعَرْ :
«وبلدة ٍ فيها زَوَرْ»