لو كنتَ تبلو غداة السفحِ أخباري - مهيار الديلمي

لو كنتَ تبلو غداة السفحِ أخباري
علمتَ أنَّ ليسَ ما عيَّرتَ بالعارِ

شوقٌ إلى الوطنِ المحبوبِ جاذبَ أض
لاعي ودمعٌ جرى منْ فرقة الجارِ

ووقفة ٌ لمْ أكنْ فيها بأوَّلَ منْ
بانَ الخليطَ فداوى الوجدَ بالدَّارِ

ولمتَ في البرقِ زفراتي فلو علمتْ
عيناكَ منْ أينَ ذاكَ البارقُ السَّاري

طارتْ شرارتهُ منْ جوِ كاظمة ٍ
تحتَ الدُّجى بلباناتي وأوطاري

من كلِّ مبتسمٍ عن مثلِ ومضتهِ
وذائبٍ ريقهُ في مزنهُ الجاري

وخافقٍ بفؤادي في حياً هطلٍ
خفوقَ شعشاعهِ منْ غير إضرارِ

وطائشٍ من لحاظٍ يومَ ذي سلمٍ
ملكنَ وردي ولمْ يمكلنَ إصداري

رميتُ أحسبُ أنِّي في بني جشمٍ
فردَّ سهمي ورامي مهجتي قاري

هل بالدِّيارِ على لومي ومعذرتي
عدوى تقامُ على وجدِي وتذكاري

أم أنتَ تعذلُ فيما لا تزيدُ بهِ
إلاَّ مداواة َ حرِ النَّارِ بالنَّارِ

تنكَّرتْ أنْ رأتْ شيبي وقدْ حسبتْ
أيَّامَ عمري فصدَّتْ أمَّ عمَّارِ

أما تريني ذوى غصني وناحلني
ظلِّي ورابًَ الهوى صبري وإقصاري

وقوربتْ خطواتي منْ هنا وهنا
فبدِّلتْ أذرعٌ منها بأشبارِ

مطَّرداً تجتفيني العينُ راكدة ً
عندَ الملوكِ رياحي بعدَ إعصارِ

فما خضعتُ ولكنْ خاننيزمني
ولا ذللتُ ولكنْ غابَ أنصاري

وقدْ أكونُ وما تقضى بلهنية ٌ
إلاَّ بمتعة ِ آصالي وأسحاري

موسِّعاً لي رواقَ الأنسِ قالصة ً
عني ذلاذلُ أبوابٍ وأستارِ

معْ الوسائدِ أو فوقَ المضاجعِ إنْ
ملَّتْ مجالسُ ألاَّفٍ وسمَّارِ

أشري الموداتَ والأموالَ مقترحاً
منها الصَّفايا بأخلاقي وأشعاري

أيَّامَ لي منْ بني عبدِ الرَّحيمِ حمى
راعينَ حقَّ العلا دانينَ حضَّارِ

مرفرفينَ على حقَّي بحفظهمِ
رامينَ نحوي بأسماعٍِ وأبصارِ

فاليومَ تنبذني الأبوابَ مطَّرحاً
نبذَ المعرَّة ِ تحتَ الزِّفتِ والقارِ

يملُّ مدحي ولا يصغي لمعتبتي
ولا يراقبُ تخويفي وإنذاري

ينقَّصُ الفضلُ ميزاتي ويصغرني
ما كانَ فيهِ غذا أنصفتُ إكباري

هذا وهمُ بعدُ يرعوني وإنْ شحطوا
ويلحظوني على بعدٍ منَ الدَّارِ

علقتُ باسمهمُ فاستبقني ويفي
أنَّي علقتُ بحبلٍ غيرِ جوَّارِ

بالأطهرينَ ثرى ً والأطيبينَ ندى ً
والأسمحينَ على عسرٍ وإقتارِ

والنَّاصرينَ لما قالوا بما فعلوا
والفاتلينَ على شزرٍ وإمرارِ

لا يعدمُ الجارُ فيهمْ عزَّ أسرتهِ
ولا يكونَ قراهمْ خجلة َ الجارِ

ولا يردِّونَ في صدرِ الحقوقِ إذا
توجَّهتْ بتساويفٍ وأعذارِ

يأوي الطَّريدُ إليهمْ غيرَ مهتضمٍ
ويرحلُ الضَّيفَ عنهم غيرَ مختارِ

سريتُ منهمْ بشهبٍ في دجى أملي
تضيءُ لي واهتدى ليلي بأقمارِ

صحبتهمْ والصِّبا ريعانُ في ورقي
فما نبوا بي حتى حانَ إصفاري

مقرَّباً يحسبوني ذيلَ أنعمهمْ
حتى ترى النَّاسَ يقتافونَ آثاري

حتى لو أنَّي أدعى باسمِ بعضهمِ
لمْ ينبُ جهري عنْ الدَّاعي وإسراري

حموا شبولاً حمى سرحى وعشتُ إلى
أنَّ ذبَّ عني منهمُ ضيغمٌ ضاري

قضيتُ في شرفِ الدِّينِ الذي ضمنتْ
لي المنى ووقى زجري وأطياري

وحرَّمتْ يدهُ لحمي على زمني
وكنتُ منهُ لأنيابٍ وأظفارِ

أغرُّ قامتْ بقولي فيه معجزتي
في الفضلِ وانكشفتْ بالصِّدقِ أخباري

وسارَ بأيمي ما أرسلتهُ مثلاً
في الأرضِ في كلِّ بيتٍ فيهِ سيِّارِ

مباركٌ تطردُ اللأواءَ رؤيتهُ
طردَ الظَّلامِ بزندِ البلجة ِ الواري

وزيرُ ملكٍ خلتْ في عدلِ سيرتهِ
صحيفة ُ الملكِ منْ إثمٍ وأوزارِ

يزيَّنَ الحقَّ في عينيهِ منبتهُ
على نوازعِ عرقٍ فيهِ نعَّارِ

شبَّتْ بهِ الدَّولة ُ الشَّمطاءُ وارتجعتْ
زمانها بينَ إعراسٍ وإعذارِ

وأقلعَ الدَّهرُ عمَّا كانَ يثلمهُ
منْ عرشها بعدَ تصميمٍ وإصرارِ

طوراً هشيماً تلظَّى ثمَّ يرفلُ منْ
تدبيرهِ بينَ جنَّاتٍ وأنهارِ

يذبُّ عنها وقدْ ريعتْ جوانبها
برأيهِ المكتسي أو سيفه العاري

تهفو مراراً بهِ غمطاً لنعمتهِ
ثمَّ تعودُ بحلوِ الصَّفحِ غفَّارِ

فكمْ تموتُ ويحييها برجعتهِ
وكمْ تعقُّ أباها الخالقَ الباري

شيمة ُ لؤمٍ لها تنسى إذا قرنتْ
منهُ بشيمة ِ حرٍّ وابنُ أحرارِ

من طينة ِ الملكِ ملموماً على كرمٍ
لم تنحتْ صخرة ٌ منهُ بمنقارِ

يهتزُّ فخراً بعرضٍ لا يلمُّ بهِ
وصمُ القنا وأديمٍ غيرَ عوَّارِ

بينَ وزيرٍ تغصَّ الصَّدرِ جلستهُ
يختالُ أو ملكٍ في الفرسِ جبَّارُ

تقسَّموا الأرضَ يفتضُّونَ عذرتها
بعدلهمْ بينَ عمَّالٍ وعمَّارِ

ورثتهمْ سوددا وازددت بينهمُ
زيادة َ السَّيفِ بينَ الماءِ والنَّارِ

إنْ تخلُ منْ وجهكَ الزوراءُ مكرهة ٌ
فإنَّ صدَّكَ عنها صدُّ مختارِ

أو ينضَ بعدكَ عنها حسنها فلها
بقربِ غيركَ أثوابٌ منَ العارِ

أمَّا الدِّيارُ فقفرٌ والقطينُ بها
يودُّ منْ قلقٍ لو أنَّهُ ساري

قد خضخضَ السَّجلُ جاليها فما يجدْ ال
سَّاقي سوى حماة ٍ ما بينَ أحجارِ

وطارَ بالرزقِ عنها أجدلٌ علقتْ
منهُ المنى بحديدِ الظُّفرِ عقَّارِ

قامتْ بأذنابها أقدامهمْ وهوتْ
رءوسها في هوى مستهدمٍ هاري

فالأرضُ مردودة ٌ بالفلس لو عرضتْ
والملكُ يغلو لمبتاعٍ بدينارِ

وصاحبُ الأرضِ مملوكٌ يصرِّفهُ
مجعجعٌ بينَ نهَّاءٍ وأمَّارِ

حلسُ العرينة ِ خافٍ تحتَ لبدتهِ
ويكسبُ اللَّيثَ مع سعى وإصحارِ

مدَّبرٌ لعبتْ أيدٍ بدولتهِ
مشلولة ٌ بينَ إقبالٍ وإدبارِ

يدعوكَ معترفاً بالحقِّ فيكَ وما اس
تدناكَ مثلَ إعترافٍ بعدَ إنكارِ

يا جارهُ أمسِ قدْ لانتْ عريكته
فاعطفْ لهُ وأرعَ فيهِ حرمة َ الجارِ

وانهضْ لها نهضة َ الشَّاري ببطشتهِ ال
كبرى وحاشا لكَ التَّمثيلِ بالشَّاري

قدْ أعقمَ الرأي فاستدركَ بقيَّتها
منكَ برأيٍ ولوجِ البطنِ مذكارِ

فلمْ تزلْ وارياً في كلِّ مشكلة ٍ
بقدحها جارياً في كلِّ مضمارِ

وامللْ بجودكَ أهواءً موزَّعة ً
حتى تفيءَ لإذعانِ وإقرار

واسعَ لمنتظرٍ آياتِ عودكَ لمْ
يغنمْ سوى الصَّبر منْ غمٍّ وإنظارِ

لا يشتكيكَ وإنْ طالَ الجفاءُ بهِ
إلاَّ إليكَ بإخفاءٍ وإظهار

ِلمْ يبقَ إلاَّ الذّما منهُ وأحسبهُ
لليومِ أو لغدٍ ميتاً بلا ثارِ

لولا عوائدُ منْ نعماكَ تنشلني
وإنْ أتتْ منْ قبيلِ الطَّارقِ الطَّاري

تزورني والنَّوى بيني وبينكمْ
أهلاً بها منْ حفيٍّ بيوزوَّارِ

فجدِّدوها مراعاة ً فبي ظماٌ
لو كانَ في البحرِ لمْ يخلقْ بتيَّارِ

لمَّوا كسوري فما في الأرضِ منقبة ٌ
أعلى بصاحبها منْ جبرِ أكساري

اليدُ منكمْ فلا تلقوا أشاجعها
لفاصمٍ منْ يدِ العلياءِ بشَّارِ

وإن أغبْ عنكمُ فالشِّعرُ يذكرني
وحسبكمْ بالقوافي ربَّ إذكارِ

فاستجلها يا عميدَ الدَّولتينِ فقدْ
وافى بها الشَّوقُ منْ عونٍ وإبكارِ

عرائساً أنتَ مولى النَّاسِ خاطبها
وبعلها وأبوها عفوَ افكاري

وانظرْ إليها ما قدْ أعطيتْ شرفاً
مردَّداً بينَ أحماءٍ وأصهارِ

والمهرجانُ وعيدُ الفطرِ قدْ وليا
زفافها بينَ صوَّاغٍ وعطَّارِ

يومانِ للفرسِ أو للعرب بينهما
حظُّ السَّعادة ِ مقسومٌ بمقدارِ

هذا بتاجِ أبيهِ عاصبٌ وعلى
هذا اختيالُ فتى ً بالسَّيفِ خطَّارُ

تصاحبا صحبة َ الخلَّينِ واتفقا
سلماً ولمْ يذكرانِ أضغانَ ذي قارِ

فالبسهما بينَ عيشٍ ناعمٍ وتقى ً
وبينَ صومٍ تزكيِّهِ وإفطارِ

ما طافَ بالبيتِ ماحي زلَّة ً وسعى
شعثٌ أمامَ الصَّفا أنضاءَ أسفارِ

تنصَّبوا لهجيرِ الشَّمسِ وافترشوا
ليلَ السَرى بينَ أقتابٍ وأكوارِ

نصُّوا الرِّكابَ بمصرٍ واحدٍ وهمُ
شتَّى أباديدُ آفاقٍ وأمصارِ

حتى أهلَّوا فلبَّوا حاسرينَ إلى ال
دَّاعي مباذلَ أشعارٍ وأبشارِ

وما جرى الدَّمُ في الوادي وقدْ نحروا
وسربلَ البيتُ منْ حجبٍ وأستارِ

مخلَّدَ الملكِ تفضي كلُّ شارقة ٍ
إلى وفاقٍ لما تهوى وإيثارِ