يا طيب روض الصالحين - نبيلة الخطيب

يا طيبَ رَوْض الصالحينْ
زهرٌ تَعَطّرَ باليقينْ
ألَقُ السناءِ دروبُهُ
يا جَنّة للحافظينْ
ذِكرٌ وقرآنٌ كريمْ
وكلامُ رحمنٍ رحيم
قد نُزّلتْ آياتُهُ
فهوَ المُحَكّمُ والحكيمْ
أبكي خشوعاً في الصلاةْ
ويفرّ قلبي للإله
أتلو به فيهزّني
ترتيلُهُ نبضُ الحياة
آياتُهُ خُطّتْ بنورْ
فتلألأتْ منها السطورْ
الحمدُ لله الذي
أحيا به هذي الصدورْ.
له ما يليق
مَن علّمَ الفجرَ
ذرَّ الرمادِ
بكُحل العيون؟
فآثرَ أن يُلبسَ النفسَ
في زهوةِ العُرسِ
ثوبَ الشجون
وكيفَ الذي كُنتُهُ
لم يَكُنّي؟
وقد أقفلَ اليومَ
في شُرفة القلبِ
بابَ التمني
وأعلمُ أنّ الذي
كنتُ أخلصتُ وُدّي له
لم يَخُنّي..
فهوَ في مَجْمَعِ الحِسِّ والحُسنِ
حَيّ حَريّ..
وهوَ الوفيّ الذي لا يخون
فما حَيرةُ القلبِ في أمرهِ؟
وما سكرةُ الصحو من خمرهِ؟
وكيفَ تَلَجلجَ فيّ اليقينُ
على هَدأةِ الصمتِ في سِرّهِ؟
وكيفَ الذي كانني
غُرّةً مِن ضُحىً
في غِرّةٍ لا يكون؟
وكانَ ليَ الظِلّ والطَلّ
في وارفات الغصون
وأورَقَني حينما جابني
كانسيابِ الخرير
وأونَقَني زهرةً
في رياضِ العبير
فأحرَقني هجرُهُ بالهجير
وهاجِرَةٍ من صحارى الظنون
وقدَّ فؤادي بكفٍّ حنون
فأغبقني جرعةً من مَنون
له ما يليقُ بياقوتِهِ
من لهجةِ الشكر
لي ما يُريقُ تباريحَ رُوحي
في لُجّةِ السُكر
أو ما يُذيقُ الأماني المنايا
في غيبة الصبرِ
أفضي ببوحي لنوحي
وأقضي ديونَ أياديهِ
من رُوحِ رَوْحي
وأهدي النصالَ التي
عَمّقتْ غَوْرَ جرحي
تراتيلَ صَفحي
فجَرِّحْ كما شئتَ
بَرّحْ متى شئت
يا مَن لكَ الوردُ والوُدّ
منه الكثيرَ الكثيرَ
كما قُدِّرَ العيشُ
حتى وبعدَ انطفاء السنا
في الجفون
وإن غابَ ذِكري
وإن هانَ عمري
لك المجدُ
يا حاضرَ الوجد
يا مُسبغَ اليدْ
ليَ الغيمُ والأفُقُ المُدلَهِمُ
ليَ الهمّ
وأنتَ لكَ السعدُ
والغيثُ والبرقُ والرعدُ
والوعدُ بالخصبِ
إمّا تشتّتَ عمري
في فلوةِ الجَدبِ
أنتَ البهاءُ المُنيرُ
وأنتَ الحريرُ
يُغلّفُ في شَعثتي
شوكةَ القلبِ
أنتَ النميرُ
الذي يغسلُ الروحَ
والريحُ تذرو أساها رماداً
بكحل العيون.
6/ 7 / 2008