لله ساعٍ بلَّغتهُ قدمهْ - مهيار الديلمي

لله ساعٍ بلَّغتهُ قدمهْ
حيث تعدَّت عالياتٍ هممهْ

طوى السُّرى يبغي العلا حتى انطوى
إخوته تحت الظلام أنجمهْ

حكَّمَ أخطارَ الفلا في نفسه
يوغلُ أو تمَّ له تحكُّمهْ

تحصُّه الأيّام وهو طائرٌ
يزاحم الحظَّ به تهجُّمهْ

وقاعدٌ مع العفاف قانعٌ
ببلغة ِ الزاد حشاه وفمهْ

لم تنتقص طلاوة ٌ في وجهه
ورقّة ً ذلُّ السؤالِ يصمهْ

يألمُ كلَّ قطرة ٍ سائلة ٍ
من مائه كأنما سال دمهْ

تلوَّنتْ خلائقُ الدهر به
فحنَّكته شهبه ودهمهْ

واختبر الناسَ فلو ساومته
قربَ أخيه خلته يحتشمهْ

إن كان لا يُرزق إلا سائلا
فرزقه المشكورُ مما يُحرمهْ

والله ما عفتُكِ يا دنيا قلى ً
وإنَّ فيك لمتاعا أعلمهْ

لكنَّ أبناءكِ من لا صنعتي
صنعته ولا وفائي شيمهْ

أخرجُ من مكمنهِ الصِّلَّ وما
فيهم بسحري من يصحُّ سقمهْ

عندهمُ شكري وما أموالهمُ
عندي فهل عندك ذا من يقسمهْ

كم باسمٍ لي من وراءِ شرِّه
والليثُ لا يغُرُّني تبسُّمهْ

لو لم يقِ اللهُ وحزمٌ ثابتٌ
ما نصلتْ عندي سدادا أسهمهْ

وواسعٍ ملكا وصيتا واجدٍ
ما شاء لم يسمع بشئ يعدمهْ

أمطرَ صيفيّاً فظنّ أنّه
قد عمّت الأرضَ جميعا ديمهْ

أسهرني في المدح لا يلزمني
عجباً به ونام عمّا يلزمهْ

ما ضاق في قبوله ورأيه
في الجود لكن ضاق عنّي فهمهْ

في وجهه بِشرٌ وفيه كرمٌ
فبشرُه لي ولغيري كرمهْ

رحمتُ حظّي أمس فيما فاتني
من ماله واليومَ منه أرحمهْ

وخاطبٍ على اتحادي صحبتي
والبدرُ مولودٌ يعزُّ توأمهْ

أرادني مستجلباً فؤاده
وردّني مستعلياتٍ قيمهْ

فكَّرَ فاستكثرَ لي ديناره
محاسباً ولم يسعني درهمهْ

فإن يكن وصلٌ فمنِّي أو يكن
حبلُ وفاقٍ جُذَّ فهو يصرمهْ

ليت الحسينَ الحاملي من بينهم
على طريقٍ واضح لي لقَمُهْ

تخلده الدنيا وتستبقيه لي
وغيره تبقيه أو تخترمهْ

أوَ ليته يمنعني مخففا
فإنها قد أثقلتني نعمهْ

سيبٌ على سيب كما تقطَّعتْ
أوكية المزن وحلَّت عصمهْ

كأنّ ما نغنمَ من أمواله
حطٌّ يخاف فوته يغتنمهْ

أعيا على الوفرِ فبينا فضلهُ
يبنيه إذ عنّ سؤالٌ يهدمه

كأنه أقسم لا نال الغنى
فهو بما يعطى يحلُّ قسمهْ

عاقدني الودَّ فلا قارضة ٌ
تنشره ولا حسودٌ يفصمهْ

مجتهدُ البرَّ ولو قاطعته
في صلتي كأنَّ ودّي رحمهْ

ملَّكه السوددَ أصلٌ فارعٌ
فيها وأيٌ بارعٌ يتمِّمهْ

يجمعُ بين كلِّ ضدين له
حتى تصافى سيفه وقلمهْ

ما خلبتْ من اصطفاك برقة ٌ
فيك ولا أخلفه توسُّمهْ

لمّا قضى قاضي القياس عنده
من هائبُ الأمرِ ومن مقتحمهْ

ومن أخو الفخر إذا ما أشكلتْ
مذاهبُ الفخر وخيفتْ ظلمهْ

شمَّ الذليلُ التربَ رغما ووُقي
أنفُ الحميِّ أن يُضامَ شممهْ

ما للحسود فرصة ٌ يعيبها
منك ولا ذنبٌ عليك ينقمهْ

بلى خلالٌ قد شجاه غيظُها
ينفثه طورا وطورا يكظمهْ

يكتمها واللهُ يبدي فضلها
كالشيب صاح باسمه من يكتمهْ

اسمعْ لها كما احتبتْ بنورها
غنَّاءُ يُوشى بردها ويعلمهْ

درَّ لها نوءُ السِّماك وخبا
من وهج القيظِ عليها مرزمُهْ

تزاحمتْ مصطخبا نباتُها
بحيث هبهابُ الرياح زمزمُهْ

عرضك منها عبقاً معرَّفٌ
عرفَ اليلنجوج ذكيّا فحمُهْ

شاهدة لمفصح فاهَ بها
أن الكلامَ الحرَّ عبدٌ يخدمُهْ

إذا رآك الناسُ في وشاحها
تحمله مقلَّدا أو تفغمهْ

تعجّبوا من شكلها في حمله
وصفك منظوماً ومنه أنظمُهْ

كلُّ كريم منطقٍ شاعرهُ
وأنتَ من فرط السماح تفحمُهْ