نكأتَ الجرح - نبيلة الخطيب

تعاتبُ حيث ذابَ القلبُ همَّا
فكم جرحٍ غدا في الروح وشما

تحسّسْ في ضلوعك كم حريقٍ
أحال نضارة الأحلام فحما

ألا يا صاح هل شاهدتَ يوماً
يتيماً راضياً يختار يُتما؟

فليس ثرى البلاد لنا وطاءً
ولكني أراه أباً وأما

تسائلها وتدري أي جرحٍ
نكأتَ، وما سَلتْ عيناك يوما

ألستِ من البلاد ومِن ثراها؟
فردّ فؤادها: روحاً وعظما

ولو أنّ الحنين له مقاسٌ
لكان بقدر قلب الأم حجما

فلو شاءت لنا الأقدارُ جمعاً
لأشبعتُ الثرى والصخر لثما

تنادي القدسُ ذاكرة الخوالي
غدا التاريخ نَسّاءً أصَمّا

صلاحَ الدين قد كبَت القوافي
حنانكَ إن ضمَرتَ الآهَ لوما

ويا الفاروقُ فرّقنا التنائي
وأبدِلَ عدلُك المعهودُ ظُلما

سعَينا نشتهي كأساً فراتاً
فأسقتنا صروفُ الدهر سُمّا

هُرعنا للرّقاة فأدركونا
- وقد غامتْ نواياهم- بحُمّى

قضينا الليلَ نستهدي خُطانا
ولكنا وجدنا الفجرَ أعمى

أيا أرضَ الرّباط إليكِ عهدي
نذرتُ اليوم للرحمن صوما

بيوم الحشد أعراسُ المنايا
ولن نرضى بحكم الله حكما

فللأقصى ربوعٌ نفتديها
ونهمي فوقها غيثاً ونظما*

لعمري إنّ صونَ النفس سامٍ
ولكنْ بذلها بالحق أسما

إذا عاف الأبيّ الحر عيشاً
فيا للموت ما أشهاه طعما

* نظمأ

1998