محرقة النخيل - محمد شيكي

هي رحلة أخرى اذن...ا
بلدي طوفان أقبية غرثى ولا شيء بين يدي.
النارتحرقني
من حولي ومن تحتي ومن حول ما ملكت نجوم الليل،
هي آخر لحظة لاحتفاء العشب بالصحراء،
ها كل المدى حجر
وها هي الكلمات تخرج مرة أخرى
من معاجمها،سكرى بتلاوين المفردات:
الضد يساوي ضده، والحرف أمضى
وثيقة النكران،
يجر حينا وسنان سباته كي لا يرى
خزي اللغات، وتارة يبكي،
يصير الآن مطية لارتكاس الصوت، بحت معانيه
لا شيء في المعنى الا رجة التأويل تأتي من وراء
الطائرات المدججة بالغضب،
وأنا هنا،
أرقب خلف محراب الصلاة جيوشهم
تأتي،
تحاصر في العراق نخيله، وصهيله ،
يدوسون الغمام ويخنقون الطفل قبل صرخته الأولى
أحرك سبابتي قبل تسليم الصلاة وأدعو الرب :
" حول إصبعي الى مهماز يفقأ عين الظلام ،
طول سجدتي حتى يقول قومي من ورائي آمين.
"وكان الصدى رملا توزع في العيون
فلا شيء يبدو في الافق غير محرقة النخيل....
ما زلت وحدي..
.وأنا رديف الموت - : أداهنه
ولا أحد يمد مخمصة احتضاري بالهواء
صار المدى غيهبا، والطائرات تمدني بالموت لا،
لا تقتلوا وجع الولادة،
اتركوا أمي تستحم بماء مخاضها، قبل الرحيل
لتنجب نخلة أخرى تغامر في اشتعال النار
أو تلد الصهيل...لا،
لا تحرقوا سعف النخيل،
هو ما تبقى من بلادي
هو زورقي نحو النجاة وملجأي نحو الفرات ،
ومخبأي وقت الحصار،
هو ما تبقى من بلاد، تحرث أرضها الطلقات ورائحة الجثت..
***
تابوت يحدثني:
" ملت قبل القصف ثم اتكأت على فخد أمي،
أحتمي بذبيب الخوف يسري في عروق دمائها،
دمعها غطى دموعي لحظة قبل الوداع.
ورمقت الكحل فوق رموشها، فرأيته
بدرا تمطاه الحريق
. يا رفيقي أين الطريق؟
تكرر القصف المخيف
/ تضمني أمي الى حليب الثدي/
اشرب ولا تكثرت،
ستعيش كي تبني دمار القصف،
كي ترسم رقصة" الميجانا" على أسوار المدرسة...
اشرب كي ينبت القسام في روح شهقتك الأخيرة،
لكنني لما التمست رحيق حليبها، سكت النهار،
وأبرق الليل الطويل بقصفه، بسط الجنود حريقهم في كل الجهات،
وأشعلوا النيران في ماء الفرات،
أسقطوا صدر أمي لتمتزج دمائي بالحليب،
ولا عجب..
بئر من البترول أغلى من حياتي لا عجب...
أين العرب؟
ما زلت وحدي، لاعرب..
وحدي يستبيحني العراف،
آتيــــــه من باب الخروج الى الحقيقة،
لكنه يأتي يراوغني ليدخل بيتي من نوافذها
ويغتال الحقيقة والســـــــــــــــــــــــــــلام