أنا الطين - منير باهي

1
كم ضاعَ مني أنا الممتدُّ في الغسقِ الملآنِ بالشَّكِّ؟بعضي ضاقَ من بعضي
إنّ الترابَ دليلي،مُتْرَبُ،وليَ الطينُ المُصَلْصَلُ أصلٌ،بعضهُ أرضي
وبعضُهُ نَزَقٌ ينْسلُّ بين غبارٍ يُتْقِنُ الزِّيغَ،يرعى تافهاً نبضي
أنا شبيهكَ يا الطينُ المُبَجَّلُ،نحو الماءِ علمتني أن وحدَنا نمضي
2
نمضي إلى حيثُ بعضُ الماءِ مروحةٌ تمحو هجيرَ الأسى.ذاك الأسى لَوْني
وإنني من بكائي أفهمُ المطرَ العطشانَ إنْ مرّةً أخفى النّدى عنّي
وأعرفُ الريحَ إذْ هبَّتْ معي،تركتْ أحزانَها في دمي فاستنْبَتَتْ حُزْنِي
ما بدّلَتْ بيتَها الأحزانُ مذْ حجزَتْ في القلبِ مِسندَها،مذْ صادقتْ ظنّي
3
هل يجهلُ الحزنُ وجهي ؟راقدٌ بضُلوعِ عُرْيِهِ،راصدٌ من بَيْنِهِ الوطنَ
لأنني الطينُ،أسمائي العبادُ،وصدري الأرضُ،زلزالُها ما اهتزَّ فِيَّ أنا
أنا رديفُكَ يا غيري،يشاطرنا الطينُ البقاءَ،وخبزَ الليلِ والشَّجَنَ
نحنُ ــ الطينَ ــ وَحَّدَنا السّرُّ الذي جاءَ سِرّاً،و اختفى عَلَنَا
4
مني إليَّ يعودُ الفجرُ،يمضغُ ما سها من الليل،إنّ الليلَ منفايَ
أنا الذي من بقايا الليلِ رتّقَ شكي بوحَهُ.إن بعضَ الشكِّ نجْوايَ
رأيتُ روحي بروحي في الكتابِ تَلَتْ: بعضُ الجحيمِ دمي والنارُ مثوايَ
قرأت ما كانَ،ما يأتي،وأشْهَدُ أني توأمُ الطينِ،ربي اللهُ مولايَ