أَعنِيهِ، لَيْسَ عَنْهُ - منير باهي

صباحُكِ مشغولٌ بلادي ولا شُغْلُ
وليلُكِ مكْتوبٌ محا فجْرَهُ الذُّلُّ
وبينَهُما يَحْيَى الطُّغاةُ بِجَهْلِنَا
فطُوبى لِطاغٍ إنْ طغى بيننا الجَهْلُ
هَبِي ذاكَ نَخّاساً ونحنُ عَبيدَهُ
أيعقِلُنا عَقْلاً وليسَ لهُ عَقْلُ؟
تُجِلّينَهُ فوقَ العِبادِ لأَصْلِهِ
ولمْ تسألي إنْ كانَ أَصْلاً لهُ أصْلُ
كفاهُ يَرى البيتَ المُدَوّرَ كَعبةً
يَرى مَنْ بهِ ربّاً على ربّنا يَعْلُو
يُقبّلُ أحْجاراً ويعبُدُ بعضَا
لها الأمرُ مِنْ بعدٍ ـ يَراها ـ ومِن قَبْلُ
كَفاهُ يُدلّي ريقَهُ مِنْ تزَلُّفٍ
بِذاكَ كفى فَضْلاً لِمَنْ عافهُ الفَضْلُ
تَمَرَّغَ بينَ القاصِراتِ فُحُولةً
وباتَ خَصِيّاً حيثُ سيِّدُهُ الفَحْلُ
وأعني الذي أفضالُهُ نَسْتَزيدُها
ولا فضْلَ مِنْ كَفِّ الذي زادُهُ البُخْلُ
تَعَلّمَ فينا كَيْفَ تُرعَى رَعيَّةٌ
كأنَا يتامى مَالَنَا دونَهُ أَهْلُ
تعلّم َ كيفَ الذّئبُ يَغْوي نِعاجَهُ
وكيفَ يَسودُ الأُسْدَ في الغابَةِ البَغْلُ
تعلّمَ كيف يُحْيِي يَأْسَنَا بِوُعُودِهِ
وما الذي يُحْييهِ مَنْ طبْعُهُ القَتْلُ؟
وكيف بنا يحيى وفينا مؤلّهاً
وكيف يُرى لوشاءَ في ظلمه العدلُ
فصارتْ له كلُّ الرِّقابِ مَطِيَّةً
وسارَ، على كلِّ الرقابِ لهُ نعْلُ
متى يا بلاداً تُدْرِكينَ بُكاءَنا؟
وقدْ فاضَ مِنْ طولِ البُكاءِ بنا السّيْلُ
أَذَا مَطَرٌ هذا الذي هالَ شَعْبَنا
أمِ العيْنُ عينُ الشّعبِ فاجَأَها الهَوْلُ؟
متى تَصْدُقينَ الوعدَ حينَ وعَدْتِنا
وينزِلُ حُلْماً راجِلاً مِنْ قولِكِ الفِعْلُ؟