لما رأتني قد شددت محزمي - إبراهيم بن قيس

لما رأتني قد شددت محزمي
وقمت نحو الاعوجي الشيظم

تزينت بحليها المنظم
وضمخت جثمانها بالعندم

وأقبلت في مطرف مسهَّم
تسحب أذيالاً من الابر يسم

بين الحجال والسوار المفعم
حتى لوت بنانها بمخذمي

ودمعها مثل الرشاش المرهم
تبكي بكاء الراحم المسترحم

خود من الخود الخراد الوشم
عنقاء كالغصن الرطيب الاقوم

بيضاء كحلاً تحت فرع أسحم
رقراقة الخدين ملسا اللهزم

براقة اللبات حسنا المبسم
مخطوطة المتنين شما المخطم

رضراضة زينت بكشح أهضم
غائصة الخلخال ريا المعصم

كالبيضة الجردا من التنعم
ترفل في برد الشباب الأنعم

كأنها في فرعها المنسجم
بدر بدا بين الغمام الأسحم

كأنها عند انسلال الأنجم
رأس القنيف الأبيض المطهم

كأنما اعجازها إذ ترتمي
أكتاف كثبان الرمال الركم

قد فتنتني بالجمال الاتمم
وآلمتني بالبكاء المؤلم

فصرت كالمبدد المقسم
مودة ورحمة لم أكتم

أيتها العيناء إِياي ارحمي
وأقلعي عن البكا قدك أسلمي

أقرحت قلبي يا ابنة القوم احلمي
ما بالك اليوم وللتألم

أسرّك المثوى على التهضم
والدين يوطأ خده بالمنسم

ما يا ابنة الأشياخ ذا من أمم
ولا عرفت قط ذا من هممي

إني على ما تعلمين فاعلمي
أغض طرفي عنك غض المرغم

وأشتري ديني بدنياي افهمي
وأركب الأهوال كالمصمم

إِذا عني ديني بذم أو رمي
فكيف وهو اليوم كالمهدم

أثوى لديك اليوم كفي واكرمي
يكفيك أني ويك كالمسقم

أما ترين كيف لاحت أعظمي
مما أقاسيه من التهمم

إِذا جفا النوم عيون النوّم
لا تطمعي يا هذه فخيمي

ليس الثواء من شعار الأشهم
كيف الثوى والكف غير أجذم

والسيف ماضي الحد والانف حمي
وهمتي مقرونة بالمرزم

وعزمتي تصدع صلد الصلدم
ومغنمي حتفي وحتفي مغنمي

سلامتي عندي إِذا لم أسلم
يا نعمة ما مثلها من أنعم

إِن أدرجوني في ثيابي بدمي
لا شرف أعلى من التقحّم

للّه في حوض الحمام الأحوم
أهلاً وسهلاً بالفتى فليقدم

أهلاً به بين القنا المحطم
لست ألاقيه بوجه أجهم

وكيف ألقى الموت بالتجهم
بعد افتخار المهجر المدمدم

مع ضعفه وأنفه المرغم
وخلقه وخلقه المذمم

يقطعه تهليل كل مسلم
هذا الذي العيش به كالعلقم

الموت مع هذا لذيذ الطعم
لا صعدت لي همة في الأنجم

ولا عرفت سيرة التكرّم
إن لم أجرّعه سمام الأرقم

وأسقه كاس الحمام المسمم
بمعرك ضنك عليه أشأم

داجي الغيوم مطلخم ضمضم
مسَّهم مزهم مهمهم

مهزّم مزهزم مرزّم
محطّم مهدم مدمدم

مقضم موضَّم مقصَّم
يهرج بالغمغام والتحمحم

تحت سرادق الغمام الاقتم
يحطم رأس الموشجي الأبكم

حطم الجحيم للهشيم المجذم
طال الخطاب ويك هلا تسلمي

سيفي سلمت واثبتي وخيمي
واستخبري عني غداً واستفهمي

إٍني غداً أبلى بهول معظم
فإن نكلت في غد عن مقدم

أو كعت عن قصد السواد الأعظم
فغلقي الأبواب دوني واختمي

واقطعي إِن شئت وصلي واصرمي
وإِن ضربت هامة الغشمشم

وخضت بالسيف ضحاضيح الدم
فأهّلي وسهلي وكرّمي

وقبلي سيفي ورمحي والثمي
إِن الجبان لا يقاس بالكمي

ليس الجبان كالشجاع الضيغم
ليس يساوي مستكين مكتم

يحمى كما تحمى ذوات السوم
بفارس سميدع مستلئم

يحامل الفرسان فوق أدهم
كم بين ذا وذاك كم كم وكم

أن السما من قعر بحر القلزم
يحمي الشجاع دينه ويحتمي

والرذل ما بين المتاع مكتم
بعداً لسيف صارم لم يسلم

ولامرىء عند اللقا لم يزحم
هيها لعذرا طرقت بالحلم

إِن عاقها الحبل بطفل مشئم
لا وضعت عرس فتى في الديم

إِن لم يكن إِلا لكسب الدرهم
لا تفرح الحوراء بالغليم

إِن كان لا يفلل حد المخذم
قد علمت والدتي من شيمي

ما لفعت في خرق أو أدم
يوم ولدت لم تُباشر رحمي

إِن لأحمي دينها وأحتمي
كما حمى قيس أبى في القدم

للمصطفى حصن شبام الاقوم
أنا الغلام المتحلي بالدم

المعتلي بالدين لا بالأمم
أدين دين المصطفى المكرم

من معرب يسمو له أو معجم
أقفو سبيل جابر ومسلم

وابن الرحيل العالم المحكم
إِني إِلى المستنصرين أنتمي

إِني لارباب العلى لاستمي
إِني من القوم القيام القوّم

الرائمين فوق روم الرومّ
الشارئين الخطباء الحكم

الباهرين بالمقال المفحم
كابني بذيل وابن حصن المعلم

والراسبي الشاريء المعمم
وابن حدير السيد المقدم

وطالب الحق ابن يحيى الحضرمي
وابن حميد ذي العلوم الضيغم

أنا لأهل العدل والتقدم
أنا لأصحاب الصراط القيم

الدين ما دنا بلا توهم
الحق فينا الحق غير أطسم

أما ترانا إِذ أهّنا للقم
وإِذ علت لنا يد لم توقم

يا جاهلاً بأمرنا لا تغشم
توسمن أو سل أولي التوسم

سل من حوى صنعاً من القويسم
والمكَّتين بالقنا سل تعلم

سل كم صرعنا بقديد وافهم
بالفارس المختار أكرم وأكرم

سل من غزى وادي القرى بالصيلم
بلج الذي لألف قرن ينتمي

كم أشبعت نصالنا من رخم
وكم رعى أجسادنا من قشعم

حب الشهادات وعشق الكرم
زايل ما يبني وبين مجثمي

للّه بعنا وطناً لم يذمم
للّه عطلنا رضاب الملئم

للّه رمّلنا صباح الكرم
ونوتم الأبنا وإن لم نوتم

إني خرجت كاشفاً للظلم
بنعمة الهادي السلام المنعم

إذ قصمت عرى الذمام المبهم
وانحل عقد كل عقد مبرم

أين الذين اقسموا بالحكم
في المسجد الأكبر جهد المقسم

أن يطفؤا ما للهدى من علم
ويهدموا الحق بكل مهدم

إنا برزنا ببقيع السلم
والمرهفات بيننا لم تقسم

نحن الألى في الجحفل العرمرم
نحمل أسباب المنايا المبرم

قد خصص العفو لأهل الندم
والطعن والضرب لمن لم يندم

إنا بأيدينا نروي من ظم
إنا تركنا عاد وعظ القلم

السيف أمضى من مناجاة الفم
من صم سمعاً عن عظاة الحكم

فالسيف ينفي ما به من صمم
الدين بالسيف منيع الحرم

الكفر بالسيف عظيم المأثم
ضرب كأفواه الكلاب الشبم

أنفذ حكماً من خطاب محكم
طعن كأيدع المخاض الكوم

أمضى قضيات من التكلم
ستين شهراً يا أولي التغشم

شاهدتموني بالجفا والجشم
لكن وجدتم صابراً لم يسأم

ذا عزمة مشحوذة لم تكهم
لا زال يغشي الزند حد المخذم

حتى رماكم بذوات اللجم
بالخيل والغارات يا بن الهيتم

أطلق جياد الخيل لا تستجهم
الخيل تحوي الخيل مثل الحوم

أحسبها من موكب محر نجم
كم من صريع بينها محرجم

وكم قتيل تحتها ملعثم
قد صبغت أثوابه بالعندم

لو فرست فرسان أهل التهم
ما قدموا الخيل أمام السوم

اليوم نغشي الخيل خيلاً ترتمي
ونثخن الرجل برجل مقدم

اليوم نرمي بثياب السلم
ونمطر الأرض دماً كالديم

لا دين ما دام الدمالم نسجم
إني باهراق الدما كالمغرم

قد أينعت جماجم لم تجزم
وحان وقت طرحها في الأكم

والكعبة البيت العتيق الأقدم
والحجر الأسعد والملتزم

والمروتين والصفا وزمزم
لئن وقى الاسلام دهراً عدمي

لا فلقن الهام فلق العجم
لأوردن البيض مس اللمم

لا دخلن الكل كير النقم
لأعصرن جمعهم كالسمسم

لا وقدن حولهم بالضرم
لا جد عن أنف كل مجرم

حتى يكون الدين دين المنعم
ويخلص الصافي من المحرم

ويل لاهل الشرك من جهنم
هم نسجوا ظلام كل مظلم

هم شاهدوا الكفار بالتلعثم
هم لقموا الاشرار مال اليتم

هم معصم للكفر أي معصم
أعمامهم حقاً وحق الأسحم

أيمة قبلي ذلال الخطم
بزعمهم خانوا وزعم الزعم

يهزمهم عقر حمار أدغم
ليت الذي قام بهم لم يقم

من أجل ذا ضل أولو التفهم
هلا قفوا أثر النبي المحكم

وحاولوا بالبيض كشف الغمم
والمصطفى قد كان حلو الكلم

وما أجابه أو لو التغشم
حتى دهاهم بغته في الحرم

بجحفل كالليل داج أسجم
عليه تسليم السلام الأكرم

يسائلني قيس الفتى ومحمد
لأنشر أبياتاً عجائبها جم

وعندي دققيات إذا رمت بثها
تحير عن تفسيرها الفطن الفهم

كخود إلى خود شكت أن حظها
من الارث لم تلحق به إذ جرى القسم

بتسع مئين بعد ستين درهماً
وهم ستة راحت بفلس له ثلم

فقالت لها ياخودها نحن ستة
وميراثنا إذ مات موروثنا السهم

ثلاث مئين بعد ستين درهماً
وخمسين مع ألف ولي فلس يا نعم

وسابعة تشكو لسابعة بأن
عراها ولم تظلم على ارثها ظلم

فسبع مئين بعد ستين ارثنا
وخمسة آلاف فلي فلس يا سلم

فقالت لها لا تشتكين فإنما
أضربنا الميراث أن يوصل الرحم

ولي درهم هو من ثمانين درهماً
وتسعة آلاف وألف فما الجرم

وثامنة قالت لثامنة لنا
ثلاث مئين ثم عشرون يا غنم

وأيضاً الوف أربعون ولم أصب
سوي درهم ياخود ما ذلك الحكم

فصاحت بها كفي الخصام فارثنا
ثمانون ألفاً زانها النقش والرغم

وخمس مئين بعد خمسين درهماً
وتسعون لي فلس ولم ينفع الخصم

وتاسعة قالت لتاسعة أما
بتسع مئين مع ثلاث مضى العلم

وسبعين ألفاً بعد تسعين هم إلى
ثمانين سهماً حصتي فاعلمي سهم

فقالت لها كفي فستون درهماً
وسبع مئين ارثنا إذ دهى الغم

وسبع مئين من ألوف وخمسة
وعشرون ألفاً حزت سهماً ولي أم

وعاشرة الوراث قالت لمثلها
أمن مائتي ألف وعشرين ياجم

إلى ألف ألف بعد تسعين درهماً
وسبعين مع ستين لي درهم ضخم

فقالت لها خمسون ألفاً وسبعة
إلى مائتي ألف لنا ورث القرم

وسبعة آلاف ألوفاً كواملاً
وست مئين لي بفلس جرى الحتم

فدونكها ذات الشكايا وأنها
لمن خاطر لو لم أنهنهه يطم

ولو زدت في الوارث ما خاض بحرها
فؤاد ولا حجر وذهن ولا وهم

ولكن ذا مما دنا واستحاله
بفلك من التدبير يجري به الفهم

وقال فتي في القوم يوماً لخاله
أنا لك عم فاسمع القول يا طسم

وآخر يدعو بالحقيقة عمه
فقال له لبيك لبيك يا عم

كمن لأبيه قال أنت أخو أخي
أخو ولدي جد له أنسبنهم

وقائلة يوماً لنجل سليلها
أخوك أخى يدعوه جداوهم شم

فرد جواب القوم شعراً فإنني
أحب الفتى الندب الذي للعلا يسمو

واختم قولي بالصلاة مسلماً
على أحمد ما هاج في موجه اليم