متى رضيت نفسي المذلة ملبساً - إبراهيم بن قيس

متى رضيت نفسي المذلة ملبساً
كبيراً وفي حالات صغري وصبوتي

سلي هل رأتني مرغماً غير كاشح
أداهن في عيشي لترغيد عيشتي

وإني امرؤ لا أبشر النفس بالنجا
ولا الفوز إلا يوم أبلى بمحنتي

الما تريني يوم درات رحا الوغى
وعز الوفا فيها وفيت بعقدتي

وما هالني بحر الحروب وقذفه
بموج البلا يوم استطار بعقوتي

وكم عذلتني العاذلات مخافة
علي ويأبى ذاك عزمي وهمتي

تنافسني الأشرار لما تلذذت
وفضلي على الأشرار صرمي للذتي

وما تكشف الغما بغير جسارة
ولا تدرك العليا بإيثار شهوة

الارب يوم قد قمعت منافقاً
أخا عثوة سكران من شرب قهوة

وقوم سعوا في الأرض بالبغي والطغى
خضبت سيوف الند منهم بحمرة

وما أمة تدعى لحق فأعرضت
بعصيانها إلا أبيدت بنقمة

وعين سليمى قد تنام وإنني
أبيت كأني شارب سم حية

وصدري كالحران من حر جمرة
وعيناي مكحولان أيضاً بحمرة

تقول سليمى لي غلظت على العدا
ولم تدر ما أكننت من فظ غلظة

فقلت لها يا سلم كفي فإنني
أروض طغاة تائهين بنخوة

وما ينزل النخوات إلا فظاظة
وغلظة ليث مثل جلمود صخرة

ولا يقهر الطغيان بعد طماحة
سوى وقعات وقعة بعد وقعة

بيوم وأيام وشهر وأشهر
وحول وأحوال وجيش وغزوة

ألم تعلمي أن السيوف إذا بدا
تألقها لانت بها كل قسوة

وإن أحدرت في هام كبر ونخوة
تحدر عنها كل كبر ونخوة

أهالك مني قتل عشرين فاسقاً
ذلالاً قلالاً من قلال أذلة

كأنك إِذاً لا تعلمين بسيرتي
ولم تعرفي عزمي ولا كبر همتي

أنا الرجل الصدق الذي تعرفينه
وما كنت في أمس عرفت خليقتي

أأم قلت ما قد قلت بالصدق إنني
غلظت وما تعنين إلا لفترتي

رويداً فإني اليوم إن كنت واقفاً
فذلك يا سلمى لتبليغ حجتي

وإني إِذا قاتلت قوماً فإنني
أقاتلهم واللّه حزبي ونصرتي

سأكشف كرب المرملين بعزة
إِذا ما كسوت المعتدي ثوب كربة

سأنبيك أما عشت دهر أو إن أمت
فما يجهلن ما كان من عزم مرّتي

على أن دين الحق ديني وإنني
أبين منه أحرفاً في قصيدتي

أقول بأن لا حكم إلا لذي العلا
ولا طاعة طراً لراكب حرمة

أرى الناس أما بين كافر نعمة
وعابد أوثان إِلى أهل ذمة

وسلطان جور والذي في ضلاله
يشك ومن قد مدّ ذاك بعصمة

وإن جهاد العالمين فريضة
إِذا وجدوا إمكان زاد وعدة

وكان كنصف المبطلين عديدهم
فإن قعدوا مع ذاك باؤا بسخطة

بعقد امام عادل عن مشورة
يقيم حدود اللّه فيهم بفطنة

وحرب أولي التوحيد فرض إِذا بغوا
أو اغتصبوا أمر الشراة الامرّة

وإن ركبوا للّه حدا وخالفوا
إمام الهدى أو جددوا عقد بيعة

كذلك نجزي الفاسقين بقطعنا
مواردهم مع قطعنا كل لينة

ونصرم حبل المفسدين إِذا عثوا
بهز الرماح السمر والمشرفية

وسبي دراريهم وغنم رجالهم
حرام وأيضاً قتلهم قبل دعوة

سوى ما أصبنا من كراع وعدة
إذا ما استبلناها لذي كل فتنة

وإن ماتت الأوبار في حالة حربهم
فلا غرم فيما قال جمهور دعوتي

وحجتهم في ذاك إن لهم إذا
أرادوا فناها عقَّروها بضحوة

وإن مسنا في الحرب حاج لمركب
أخذنا دواب الحاضرين بأجرة

وكل زمان بعد ذاك فإنما
له حكم إن كان من أهل حكمة

وأما النصارى واليهود فإننا
نكف الأذى عنهم بإعطاء جزية

وإن حاربوا طابت وحلت دماؤهم
وأجلاؤهم مع كل طفلٍ وطفلة

إلى أن يقروّا بالنبيْ محمد
وما جابه حقاً يقيناً ببينة

وسبي دراري المشركين ومالهم
وقتلهم حلَّ بسر وجهرة