كعكَةُ حُبْ - عبد الرحمن فخري

أيَّها الحُبْ
أتمسَّحُ باعتابكَ الخُضرْ
لأمتشقَ قامتي
وأرْمِي بِظلِي إليْكْ
ليتلوَّن بالفَرحْ
وابتَلَّ بالنَّشوهْ..
أعلِّق الخطايا عليكْ
كأنَّكَ الصَّليبْ
أيها النعيمُ المقيمْ
يا بِرْكَةَ جحيمٍ،
غَسَلْتُ فيها أيامي
أنتَ.. أنا
-2-
أطرقُ بابكَ المسحورْ
لأنفتحَ عليكْ
أركبُ القوسَ إليكْ
حيثُ تحكُمُ القلوبْ
وحيثُ تعشَقُ العيونْ
ظلالك المزركشَةْ
أنشدُ المغامرةََ معكْ
حيثُ تلعَبُ الرِّياحْ
وحيثُ ترقدُ الخطيئةُ،
مع الأفاعي
أريدُ أنْ أتَّحِدْ
بِكْ
لتضيعَ في ضياعيْ
ويَغْرقَ السندبادْ..
أنا إنسانٌ،
وأنتَ حُبْ
فأنا أنتْ.
-3-
أيُّها الحُبْ
مَنْ أنتَ،
إنْ لم تكُنْ.. أنا؟
أريدُ أن أنتحرَ في إسْمي
فقطْ، لأغْرَقَ فيكْ
أنا عائد من رِحَلاتِ المسْتَحيلِ،
إليْكْ..
شاخت في ظِلّي الأزَلي
أشْواقُ الليالي السُّمْرْ
وتحوَّلتُ في سبيلِكَ إلى كأسْ
وكانَ الطُوفانْ
وظَلَّ قلبي يُغني لكْ
ويأكلُ التُّرابْ..
-4-
يا حُبِّي
إنني أعْبدُكْ
لأنَّكَ النَّبيُّ والرَّغيفْ.
إنَّني أتعلَّمُ من كتابِكَ حُروفيْ
ومن دموعكَ وضلوعِكَ،
أصْنعُ حليبيْ.
إنَّني طِفلُكَ الذي يقضِمُ،
ابتساماتِكَ الحُلوَهْ
ويتنفَّسُ غضَبَكْ
ويتلَفَّعُ بالرِّيحِ مَعَكْ
في فصْلِ الرَّبيعْ
أنتَ عيْدي الأخْضَرْ
وحذائي الذي لا لون لهْ
أنْتَ... أنا.
-5-
حُبي الأكْبرْ
هل أنتَ أكبرُ مني، أنا الإنسانْ؟
أصغرُ مني، أنا العالَمْ؟
حاولتُ أن أُجَدِّفَ في سُعالِ الفقراءْ
لأُزرِّرَ مدينةَ المسْتحيلِ بالنُّجومْ
حاولتُ أن أمْسَحَ،
دُموعَ الكِلابِ الضالَّهْ
بغلاف ديوانْ
وأنْ أقِفَ مع العَصافيرْ
في رَفِّ الفجْرْ
لننْشدَ معاً مارْشَ السَّلامْ:
سَلام الرَّغيفْ،
سلامَ الجنْسْ،
سلامَ العَمَلْ.
حاولْتُ أنْ أحتويَ العالَمَ،
في عُيونِ السَّمَكْ
وأنْ أطيرَ مع الرّيحْ
في فساتينِ النِّساءْ
حاولتُ أنْ أجمعَ الزَّمَنَ في حقيبهْ
تكونُ مِلْكاً مُباحاً للأطْفالْ
حاولتُ أن أوزِّعَ أشْجارَ النَّرْجِسْ
فقطْ، على المسَاكيْنْ
حاولتُ أنْ أفْنِي العالَمَ، فيْكْ
ليخرجَ ببَصَماتٍ جديدةٍ،
يومَ القيامةْ
حاولتُ أن لا أكونَ فيكْ
أنْ أقفَ خَلْفَ ظِلِّكْ
لأكونَ في البدْءِ... مِثلَ الكَلِمةْ؛
لتكونَ في جيبِ سُتْرتي القديمةْ
كوردةِ الصَّباحْ
وعلى مائدتي البائسةْ
وفي كلِّ بَيْتْ
فهَلْ أنا... أنْت؟!
*
عدن
20 /4/ 1968