الوَشْم - عبد الرحمن فخري

((دَقْ طَبْلِ الهُُوجْ ما بِدْها بَطا
يا شَبابَ الُهُوْجْ زْيدوا زَلْغَطَا))((1))
ــ1ــ
يَخْلعُني الصَّوتُ،
يهزُّني .. من دَمي
أفْتحُ مِرْآةً،
على عُشْبٍ بوجهي
أُلامِسُ الجُذورْ
أغْسِلُ الكَفَّ بحبْرِ الطَّحالبِ،
أعْجنُ ذاكرةَ الأيَّامْ
ثُمَّ أُخرجُ للدنيا لساني...
ومع ذلكَ،
يا بَنَاتِ القبيْلَهْ
على طريق الصَّدى
فلْنتسابقْ .. مع أُغْنيَهْ!
ــ2ــ
للدَّهرِ، لُعْبَة مُفضَّلهْ
وللرَّملِ بَراءةُ الغَابْ
أُنقَّلُ الخُطَى
بينَ الزَّهْرِ والجَمْر
ومع الطَّيرْ
أسْحبُ من الرِّيحِ البِساطْ
أعلِّمُ الوَحْشَ،
لذَّ’ المواعيدْ
ورَقْصةَ السَّيفْ
وأمنحُ الضَّيفَ مِفْتاحَ المدينهْ
ومع ذلكَ،
يا بَناتِ القبيلهْ
على نبْضي، لكنَّ..
العَزْفلإ الأخيرْ!
ــ3ــ
أتشجَّرُ في قامتي
كلَّ صَباحْ
أتقمَّصُ النَّهارَ، تارةً، من شدَّة النُّورْ
وفي المساءْ
أتقيأ تاريخاً سَميكاً كعُنُقي
أتجمَّعُ مرَّةًً، كلحظِّ العابرْ
وأرفعُ ظلّي، كالجبلْ
بإصْبَعٍ واحدهْ
ومع ذلكَ،
يابنات القبيْلهْ
عندما أَهفو اليكُنَّ،
يَحْتَاجُالأمْرُ منكُنَّ،
إلى... قَطْرَةِ حَليبْ!
ــ4ــ
أضيقُ ذَرْعاً، بسَاعةِ الحائطْ
كدْيكِ الحَيْ
فأفتحُ على القَوْم رؤيتي:
أقولُ: ياأيُّها النِّاسْ
((خَبري هو المبتدأْ))
يتراجعُ النّاسْ
وأسْحَبْ الشَّوارعَ معي
إلى حيثُ يتثاءبُ الأمسْ:
صِبيانٌ.. يتسلَّقونَ قَرْنَ الشَّمسْ
وصَبايا، يُزْهرْنَ من شُقوقِ الأبوابْ
للَّذةِ خِنْجَرْ
والسَّيفُ له عضَلاتُ الرُّوحْ
ومع ذلكَ،
يابناتِ القبيلهْ
للقادمِ،
فَرَسُ من فُولاذ!!
ــ5ــ
كصُندوق البَّحْرْ
يتبعثرُ قَلْبي، مع البَخُورْ
أشْربُ صَمْغاً، لأثْبُتَ للعاصِفَهْ
تمنحي نخْلةٌ سرَّ البَكارهْ
أمتلىء جَسَارهْ....
أجلسُ اللّيلَ، كالرَّفاقِ الكِبارْ
أشربُ أقداحَ الخَلِّ،
وأطلبُ العافَيهْ..
أتعلَّمُ الرَّمايةَ وقراءةَ الغَيبْ
وأجْدلُ من الرَّملِ، طريقَ القافِلهْ
ومع ذلكَ،
يا بناتِ القبيلة
لم تستعرْني عروسةُ البَّحرِ،
لليْلةٍ واحدةْ!
ــ6ــ
ألَبسُ غَريزةَ الحربْ
وأخرجْ لليوم المشْهودْ
أخْتَصِرُ المدىَ، وملاعبَ الرِّيحْ
وأعودُ إليكُنَّ.. بَالغَنيمَةْ:
أكوازٌ من الذُّرِة والعَسَلْ
حَفْنةُ مِلْحْ
ودُميَةٌ بريئةٌ.. كالحُريَّهْ
كعادَتي
لا أكرُ رَقْمَ الأعادي
لكنني لا أُخْطئُ الحِسابْ
وكعادتي
يهزمُني صَمْتُ المدى
رَجْعُ الصَّدى..
ومع ذلكَ،
يا بناتِ القبيله
كم أحَنُّ كالحصى
شَوْقاً إلى رَجْم الأفاعي
((دق طَبْل الهُوَجْ ما بدها بَطَا
يا شباب الهُوْجْ زْيدوا زَلْغَطا))((2))
*
نيويورك
12/4/1984م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)مطلع أغنية من مسرحية (كأسك يا وطن) للماغوط ولحَّام.
(2)يُستحسن الإختتام باطلاق الزَّغاريد.