غِرْناطةْ واللّسانُ المقطوعْ - عبد الرحمن فخري

وطلبْتُ إليكَ، أن تُغنِّي "غِرناطهْ"(1)
أيها الشَّابُ المُغطَّى بشعْرِ السِّنجابِ، حتى القدَمَيْنْ
يا من يجاري موضَةَ العَصْر!
ولم تجمَعْ حواسَّكَ السِتَّ،
لتُغنّي..
فلقد كانتْ تَسْري في عُروقكَ،
كَمَرقِ السَّرطانِ (2) الذي أشْربْ
وكالزَّهرِ الوحشِّي، الذي يُشْبهُ،
وجْهَ تلكَ الحبيبهْ /
تلك الحبيبةِ التي تُشبِهُ غرناطهْ
وتشبهُ كلِّ الغجَر والعَرَبْ
في صدِّها، وفي شَبقِها الأبيضْ
ذي الخَناجرِ السَّبعهْ
كما تشبهُ الخُوريَّ الذي تغَيَّب،
يومَ الميعادْ
عندما كانت حبيبتي تعْبُدُ النّارْ
وكنْتُ لاهياً بمغازَلةِ الحلْوى
وعيونِ البَقَرْ
وأنْتِ يا غِرناطه
أيُتها الفَتاةُ اللَّعُوبْ
يامَنْ تزوجْتِ عندَ الغروبْ
بالشَّاعرِ الأخيرْ
رأيتُكِ تبحثينَ عن جَيْبِكِ،
بَعْدَ الحرْبْ
وتصْطادينَ الذُّبابَ،
في معْرِضِ بيكاسو
تَخْرُجينَ مِن شالِ الدَّمْ
لتكْسَبيْ الجوْلةْ
لكني ألتقِطُ أنفاسَكِ الآنَ ،
لأغنِّي
وأفَتحَ بَوّآبةَ الكَلامْ
فأنتِ أيضاً سيِّدةُ الغَرامُ
وأنتِ أيضا دافِعة ضرائبْ
وأنتِ أيضاً أنا
بَعْدَ أن صرْتُ عازفاً
في سُوقِ المِلْحْ (3)
أُعلنُ عن بضاعتي الكاسِدةْ
في القَرْن العشرينْ.
وأنْتَ أيها القمَرُ الدَّائمْ
يا مَنْ أبحثُ عنْكَ بْينَ السُّطور
وعنْ جواربي القَذِرهْ
وبطاقتي التي تعرَّت أمامَ النَّاسْ
هُنالكَ ، يُوْجدُ في المِصْباحْ ...
شيء لا أذكُرهُ الآنْ
... لعلَّهُ بِنْتُ الجيْرانْ
فلا تزالُ تْبحَثُ عني ،
في وجوهِ الأصْدِقاءْ ...
ولا أزالُ أبحثُ عنها ...
في غرناطهْ !!!
______________
دمشق
26/5/1981م
*
(1) الأغنية الاسبانية الشهيرة ـــ غرناطه .
(2) مَرَقُ الكَرْكند أو (السَّرطان البحري) .
(3) سوق شعبية في صَنعاء .