العالم من ثقب الباب - عبد السلام الكبسي

"1"
وطني محفوف ٌ بالخوف ِ
بعيد ٌ عن أشواق العصر ِ ، بعيد ٌ جداً جدا ..
ترك َ المركب َ للقرصان ِ ، وغادر َ عبر " القات " العالم َ ، من ثقب البابِ ، وأسرج َ ، عند بزوغ الشمس ِ , هروبا ,ً خيله ْ .
وطني
حين " يخزن ُ " لا يسأ ل ُ
القات ُ يكور ُ في الليل ِ له ُ قمراً
يعشقه كالمجنون وينشد ُ فيه الأشعار َ
القات ُ
يحرره ُ من سلسلة ِ الآهات ِ
يخدره ُ إن ْ أنّ ، وفكر َ في تحريك ِ " المدكى "
يبني جنات ٍ تجري في فخذيها الأنهار ُ ، قصوراً باذخة ً
ومراكب َ فارهة ً ،
ريشاً ، حوراً عيناً ، مدناً من ياقوت ٍ ، أرصفةً تفترش ُ
الليمون َ وأوراق التوت ِ بساطاً لازوردياً وحريراً من أجنحة الطير الأخضر ْ
وطني ، قبل النوم ، طموح ٌ
كسرة ُ خبز ٍ , عند الحاجة , يمضغها, ثم ينام ْ
تزعجه ُ الأسئلة ُ ، الضوءُ وحقُ الإنسان ، كما الإنسان ْ .
"2"
إسأل ْ ما أمكن َ, ثم أسأ ل ْ
عالمك القادم زوبعة ٌ تركض ُ عبرَ الأزمنة ِ الضالة ِ
عبر الأحجار ِ المدفونة في فوهة ِ البركان ْ
وحصون ٌ تتهاوى خلف َ الليل ِ ، وأ فئدة ٌ تترك ُ قامتها
للريح ِ وترحل ْ
من شد لسان َ الشاعر ْ ؟
مَن ْ أكل الأكباد َ الحرى كالقمح المحروق وأعواد ِ الصحراء ْ ؟
من نحر الخيل َ ، وحطم أسرجة َ الفرسان ، ومن أبقى أثراً ، وشماً لعظامٍ وبقاياً أفعى ، في كل زقاق ٍ وعلى كل جدار ٍ يستهوي الأطفال َ المحرومين ، كما الشاعر ِ ،
في رسم ِ الأحلام ِ وعدَّ الأيام ِ ؟
من أفزعهم في مرقدهم ، وحليب أمومتهم ؟
من شن عليهم ، يوماً ، حرب َ المعتوهين وقطاع الليل ِ وأ وجارِ الشاذين الجهل ْ ؟
من دافع عنهم ْ ؟ من طببهم ْ ؟
حملوا معهم شرخاً في العين ، وفي الذاكرة الأجمل ْ
حملوا
معهم قتلى ، طلقات ٍ , صوراً شائهة ً
تشهق ُ باستمرارٍ ،
أرتالاً من خشب ٍ مهترىء ٍ وحديدٍ محروق ٍِ ،
وأزيزاً ، وركاماً من تبريرات ٍ
تستودعهم جُبّاً كقطيع ٍ أظلم َ ، في ا لصحو ، تسفّل ْ .
"3"
إسأل ْ ,
لو حرموك من الصمت , فماذا تفعل ْ ؟
لو قالوا لك يوماً : إسأل ْ . هل تسأل ْ ؟
__________
الرباط 15/11/1995م