زنبيل الأسى - عبدالحكيم الفقيه

(1)
وصنعاء ملهمة العاشقين تسير الهوينا
وخلخالها الحميري يطقطق
تشعل حين تحدق شهوتها في المرايا
هي امرأة وجهها مفعم بالنضارة
عيناها نبعان
جبهتها واحة
فمها منجم
والرموش غصون
نويت الهوى وفتحت صنابير قلبي في كأسها
واتكلت على طيفها وابتدأت الهيام
وصنعاء زنزانة الحالمين
تراواغ عشاقها بالدلال
وتزهق أرواح أحلامهم
وصنعاء هذا الكمين الكمين .
(2)
لها هالة تستعير ملامحها من براري الأساطير
من جمرات البخور
ومن موقد الذكريات
إذا هيمن الليل كانت سواده
لو بسط الصبح سلطانه شمرت واستحمت بماء الأشعة
مجنونة كالعقول
تقول لها ورق القات : لا تمضغيني صباحا
تكركر عند جنائز عشاقها
وتنوح إذا ألبستها الدقائق ثوب الزفاف
(3)
يوقص أحجاره الخوف في عرصات الجماجم
ينتحر العشب في هضبات الهواجس
في الشرفات يصب العبوس أباريقه الفارغات
ويخدع سوسنة
في ضجيج الشوارع تشتبك الكلمات تشكل أسئلة لا تجاب
يجوب شعاب الأحاسيس وخز الأنين المدبب
تفتح أبوابها دمعة وتخبيء أسرار أمنية ظهرت في زفير الأزقة
والوقت لا يفقه المدركون تعرجه
والجهات تقايض موقعها بالشتات
(4)
وصنعاء زنبيل هذا الأسى المتورم في لحظات الغروب
المآذن تشتم فنانة كشفت شعرها
والنهار يودع حاراتها وهي مشغولة بالشجار
وبائعة الخبز تسأل : هل شاهدوا شعرة في " ملوجي " ؟
وعين المشاة تحدق دامعة في الوجوه التي تتبسم في الملصقات .