في طريق الفجر - عبدالله البردوني
أسفر الفجر فانهضي يا صديقه
نقتطف سحره و نحضن بريقه
كم حنّنا إليه و هو شجون
في حنايا الظلام حيرى غريقه
و تباشيره خيالات كأس
في شفاه الرؤى ، و نجوى عميقه
و ظمئنا إليه و هو حنين
ظاميء يرعش الخفوق شهيقه
واشتياق يقتات أنفاسه الحمر
و يحسو جراحه ... و حريقه
وذهول كأنّه فيلسوف
غاب في صمته يناجي الحقيقة
و طيوف كأنّها ذكريات
تتهادى من العهود السحيقه
واحتضنّا أطيافه في مآقينا
كما يحضن العشيق العشيقه
و هو حبّ يجول في خاطرينا
جولة الفكر في المعاني الدقيقة
و التقينا نريق دمع المآقي
فأبت كبرياؤنا أن نريقه
واحترقنا شوقا إليه و ذبنا
في كؤوس الهوى لحونا رقيقة
وانتظرناه و الدجى يرعش الحلم
على هجعة القبور العتيقة
و السري وحشة و قافلة السّـ
فر يخاف الرفيق فيها رفيقه
و ظلام لا ينظر المرء كفّيـ
ه و لا يسعد الشقيق شقيقة
هكذا كان ليلنا فتهادى
فجرنا الطلق فلحياة طليقه
***
فانظري " يا صديقتي " رقصة الفجر
على خضرة الحقول الوريقة
مهرجان الشروق يشدو و يندى
قبلات على شفاه الحديقة
فانهضي نلثم الشروق المغنّي
و نقبّل كؤوسه ورحيقه
و اخطري يا صديقتي في طريق الـ
فجر كالفجر ، كالعروس الأنيقه
واذكري أنّنا نعشنا صباه
وحدنا ؛ على خطاه الرشيقه
و سكبنا في مهده دفء قلبيـ
نا و أحلامنا العذارى المشوّقه
نحن صغنا أضواءه من هوانا
و فرشنا بالأغنيات طريقه
و شدونا في دربه كالعصافـ
ير … و شدو الغرام فيض السليقه
لن نطيق السكوت فالصمت للمسيـ
ت و تأبى حياتنا أن نطيقه
***
نحن من نحن ؟ نحن تاريخ فكر
و بلاد في المكرّمات عريقه
سبقت وهمّها إلى كلّ مجد
و انتهت منه قبل بدء الخليقه
فابتسمي : عاد فجرنا و هو يتلو
للعصافير من دمانا وثيقه .