سكرة الحب - عبدالله البردوني

كم أغنّيك آه كم
أسفح الروح في النغم

و أناجيك و الدجا
بيننا تائه أصم

و الوجود الكبير في
سكرة الصمت و الظلم

و أنادي كأنّني
معدم يسأل العدم

***

و أناجي يا ربّة الحسن و الأشـ
واق حولي مدلّهات صوادي

و خيالي يسمو بأجنحة الحبّ
بعيدا إلى وراء البعاد

و معانيك نغمة ردّدتها
نغماتي على فم الآباد

و صلاة تفجّر الطهر في محـ
راب حبّي و السحر في إنشادي

و الهوى في فمي نشيد نديّ
و صلاة قدسيّة في فؤادي

و أنا في هواك أمضي بجوع الـ
حبّ و الأغنيات مائي وزادي

فاستثيري شجون حبّي وزيدي
في جنوني ، و حرقتي واتّقادي

فجنون الغرام عقل جديد
طائر في مسابح الوحي شادي

أنا أهواك للمعاني فزيديـ
ني غراما يذيب قلب الجماد

***

وافعمي مهجتي هوى
ملهبا ثائر الضرم

واشعليني صبابة
و املئي خاطري حمم

و اجهدي في تألّمي
لذّة الحبّ في الألم

عذّبيني و عذّبي
فعذاب الهوى حكم

***

أضرمي لوعتي تفه بالأغاني
و الحوار الأنيق زاهي البيان

فأجلّ الغرام وجد بلا وصـ
ل و شوق تموت فيه الأماني

و صبيني أو فاهجريني فحسبي
منك فنّ الهوى و حلم التداني

أنا حسبي من الهوى أن يحسّ الـ
قلب فيه قلبا من الحبّ ثاني

إنّما شرعه القلب و الطبـ
ع فزيدي صبابتي و افتتاني

و انتفاض الغرام في الروح معنى الر
وح معني الحياة في الإنسان

ما أمرّ الهوى و أحلى معانيـ
ه و أسمى صبابة الفنان

أنا لولاك ما انتزفت شبابي
نغما خالدا خلود المعاني

لا و لا ذبت في فم الحبّ شدوا
قدسيّ الصدى نديّ الحنان

***

و نشيدا متيّما
مغرم الصوت و الصدى

يحتسبه الهوى كما
تحتسي الزهرة الندى

كلّما استنطق الجوى
صمت أوتاره شدا

و تندى عواطفا
عاشقات و غرّدا

***

و تغنّى كأنّه الفجر يبثّ
الصباح شكوى اللّيالي

فاسمعي لوعتي بأنفاس أوتا
ري فإنّي سكبت فيها انفعالي

و احتسي من كئوس حبّي لحونا
وارقصي رقصة الصبا و الدلال

و اسكريني يا هالة الحبّ بالحـ
ب و بالسحر من كئوس الجمال

سكرة القلب بالهوى سكره الأز
هار بالعطر و النّدى و الظلال

سكرة الحبّ سكرة الفجر بالأنـ
وار سكر القلوب بالآمال

أنا من عشت في هواك أغنيّـ
ك و أروي الغرام للأجيال

و معاني هواك في ثغر لحني
بسمات بيض كأزهى اللآلي

كالشّذا في فم الربيع المندّى
كالمنى في خواطر الأطفال