عينة جديدة من الحزن - عبدالله البردوني

مثلما تعصر نهديها السحابه
تمطر الجدران صمتا وكآبه

يسقط الظلّ على الظلّ كما
ترتمي فوق السآمات الذبابه

يمضغ السّقف وأحداق الكوى
لغطا ميتا وأصداء مصابه

مزقا من ذكريات وهوى
وكؤوسا من جراحات مذابه

***

تبحث الأحزان في الأحزان عن
وتر باك وعن حلق ربابه

عن نعاس يملك الأحلام عن
شجن أعمق من تيه الضبابه

تسعل الأشجار ، تحسو ظلّها
تجمد الساعات من برد الرتابه

ها هنا الحزن على عادته
فلماذا اليوم للحزن غرابه ؟

ينزوي كالبوم يهمي كالدّبى
يرتخي . يمتدّ . يزداد رحابه

يلبس الأجفان . يمتصّ الرّؤى
يمتطي للعنف أسراب الدعابه

يلتوي مثل الأفاعي ، يغتلي
كالمدى العطشى ويسطو كالعصابه

يرتدي زي المرائي … ينكفي
عاريا كالصّخر شوكي الصلابه

***

وبلا حس يغنّي وبلا
سبب يبكي ويستبكي الحطابه

يكتب الأقدار في ثانيه
ثمّ في ثانيه يمحو الكتابه

للثواني اليوم أيد وفم
مثلما تعدو على المذعور غابه

وعيون تغزل اللّمح كما
تغزل الأشباح أنقاض الحرابه

***

من ينسيّنا مرارات العدى ؟
من يقوّينا على حمل الصحابه ؟

من يعيد الشجر للأحزان ؟ من
يمنح التسهيد أوجاع الصبابه ؟

من يردّ اللّون للألوان ؟ من
يهب الأكفان شسئا من خلابه

***

كان للمألوف لون وشذى
كان للمجهول شوق ومهابه !

من هنا ..؟ أسئلة من قبل أن
تبتدى تدري . غرابات الإجابه