الارتداد - عبدالله البردوني
الدرب شياطين فرحي
زمر تهذي مرحي مرحي
و تخوض الدرب فتسلبه
رؤيا أعينه القرحى
و تحوّل هجعه ... تربته
تسهيدا ، و لياليه ... جرحى
و تعبّ دما و تمجّ دما
و مداها ترتجل ... الذبحا
و الشهب حنين مصلوب
ظمآن يجترع " الملحا "
فتئن الريح ... تمازحه
و تلوّن أذناه المزحا
و الآفاق الوسنى ورق
محيت ، أو أوراق ... تمحي
و الحيّ سكون مصفرّ
كخطايا تستجدي الصفحا
و تموت الشكوى في فمه
فيكلّف رعشته البوحا
إصغاء لم يسمع شدوا
غنّاه و لم يذكر ... نبحا
صمت ؛ إغفاء ؛ ثلجي
لم يلمح في الحلم الصبحا
***
فتثاءب حوليه جبل
و تنهّد غاجترّ السفحا
و تلظّى دمه فامتدّت
كالجذوة قامته السمّحا
و تسلّقت الأطياف إلى
عينيه تقتبس اللّمحا
***
فرنا و الظلمة مشنقة
بجراح الأنجم مبتلّة
و دخان عملاق يرخى
فوق التيه العاني ظلّه
و يروع الحلم فباغته
تيّار الصحو على غلفه
و تلوّى حينا في دمه
و هوى أشلاء منحلّه
و تعالت أحلام الوادي
تومي كعناقيد النخلة
و أفاق ثراه كموعود
بالموت : أبلّ من العلّة
وتمطّى يبدأ ميلادا
خصبا نيسانيّ الحلّه
واهتزّ كأسخى مزرعة
حبلى تتمخّض بالغلّة
وافترّ و باحت شفتاه
للبيدر بشرى مخصّلة
و منى كتبسّم زنبقه
فتحت شفتيها للنحلة
و أعاد الجوّ حكايته
كحديث الطفل إلى الطفله
و كغنج الوعد على ثغر
خمريّ يستهوي القبلة
و أسال الجوّ مبهجه
كالشلالات المنهلّة
و غلا في الثلج دم حيّ
فأحال برودته شعله
***
وامتدّ عمودا جمريّا
واحمرّ بعينيه الأرق
ماذا ؟ من أذكى الرمل هنا ؟
فهفا يخضر و ينطلق
و تنادى الترب فمقبرة
تدوي ورماد يحترق
و هنا احتشد العدم الغافي
كالصيف يفوح و يأتلق
يلد الميعاد بجبهته
تاريخا يبدعه العرق
و يوشّحه أفق صحو
بالدّفء ، و يحضنه أفق
و توالى موكبه الشادي
فتغنّت وازدهت الطرق
و تعنقدت الشهب السكرى
بيديه واخضرّ الشفق
يمضي يجترّ مواسمه
و يزغرد حوليه العبق
و يجنّح فجرا معطاء
ينصبّ و فجرا ... ينبثق
فتغيم هنالك أسئلة
" تلغو " هل يرتدّ الغسق ؟
و تهزّ بقيّة أشباح
تطفو فيرسّبها الغرق
و تزوّر بوحا مسلولا
بسعال الدعوى يختنق
فتضجّ الربوات الجذلى
لم يخفق في الموتى الرمق