في الجراح - عبدالله البردوني

وحدي وراء اليأس و الحزن
تجترّني محن إلى محن

و طفوله الفنّان .. تذهلني
عن ثقل آلامي و عن وهني

فأنا هنا طفل بدون صبا
و اليأس مرضعتي و محتضني

و عداوة الأنذال تتبعني
و تغسّل الأدران بالدرن

و تفوح جيفتها هنا و هنا
كالريح في المستنقع النتن

و تغيب عن دربي .... و أعينها
في الدرب غابات من الإحن

و عداي أقزام ... يخوّفهم
صحوي و يرتاعون من وسنى

ما خوفهم منّي ؟ و ما اقترنت
بالحقد أسراري و لا علّني

خافوا لأنّ الشرّ معنتهم
و أنا بلا شرّ بلا مهن

و لأنّني أدري نقائصهم
و لأنّهم خانوا و لم أخن

و لأنّهم باعوا عروبتهم
و علوت فوق البيع و الثمن

و رضيت أن أشقى و أسعدهم
وهج الوحول وزخرف العفن

***

أحيا كعصفور الخريف بلا
ريش ؛ بلا عشّ ، بلا فنن

أقتات أوجاعي و أعزفها
و أشيد من أصدائها سكني

و أتيه كالطيف الشريد بلا
ماض ؛ بلا آت ، بلا زمن

و بلا بلاد : من يصدّقني ؟
إنّي هنا روح بلا بدن

من ذا يصدّق أنّ لي بلدا
عيناه من حرقي و لم يرني ؟

و أنا هنا أرضعت أنجمه
سهدي ووسّد ليلة شجني

أأعيش فيه و فوق تربته
كالميّت الملقى بلا كفن ؟

وولائدي بسفوحه نهر
و مشاعل خضر على القنن

ماذا؟ أيدري إخوتي و أبي
أنّي يمانيّ بلا يمن ؟

هل لي هنا أو هاهنا وطن ؟
لا ، لا : جراحي وحدها وطني