لا تسل عنّي - عبدالله البردوني

لا تسل عنّي و لا عن ألمي
فلقد جلّ الأسى عن كلمي

و تعايا صوتي المجروح في
عنفوان الألم المضطرم

ضقت بالصمت وضاق الصمت بي
بعد ما ضاقت عروقي بدمي

فدع التسآل عمّا بي فقد
ألجمت هيمنة الصمت فمي

و تهاديت كأنّي أمل
يرتمي فوق بساط العدم

و دمي يصرخ في جسمي كما
تصرخ الثكلى ببيت المأتم

و أراني آه مهزوم المنى
و أنا أحنو على المنهزم

أرحم المحروم إحساسا و لم
تدر كفّي كيف شكل الدرهم

و أنا أحنو على العاني و بي
حسرة العاني وجوع المعدم

و أنا في عزلتي السودا و في
قلبي الدامي قلوب الأمم

و تآويه الحيارى تلتقي
في أحاسيسي و في روحي الظمي

آه كم وقّعت آلامي على
عودي الباكي جريح النغم

و عبرت العمر مخنوق الإبا
مطلق الحسّ حبيس القدم

قلق اليقظة مذعور الكرى
ذاهل الفكر شريد الحلم

حائر الخطو كأنّي مذنب
ميّت الغفران حيّ الندم

و كأنّي قصّة مبهمة
في حنايا كبرياء الظلم

و ضجيج صامت تكنفه
لجة الآلام و اللّيل العمي

و على صدري توابيت الشقا
كالعفاريت الحيارى ترتمي

كلّما ساءلت نفسي من أنا
صمتت عنّي صموت الصنم

لا تسل عنّي فآلام الورى
بضلوعي كاللّهيب النهم

و غنا شعري بكا عاطفتي
و تباكي جرحى المبتسم