فلسفة الجراح - عبدالله البردوني

متألّم . ممّا أنا متألّم ؟
حار السؤال . و أطرق المستفهم

ماذا أحسّ . و آه حزني بعضة
يشكو فأعرفه و بعض مبهم

بي ما علمت من الأسى الدامي و بي
من حرقة الأعماق ما لا أعلم

بي من جراح الروح ما أدري و بي
أضعاف ما أدري و ما أتوهّم

و كأنّ روحي شعلة مجنونة
تطغى فتضرمني بما تتضرّم

و كأنّ قلبي في الضلوع جنازة
أمشي بها وحدي و كلّي مأتم

أبكي فتبتسم الجراح من البكا
فكأنّها في كلّ جارحة فم

***

يا لابتسام الجرح كم أبكي و كم
ينساب فوق شفاهه الحمرا دم

أبدا أسير على الجراح و أنتهي
حيث ابتدأت فأين منّي المختم

و أعارك الدنيا و أهوى صفوها
لكن كما يهوى الكلام الأبكم

و أبارك الأمّ الحياة لأنّها
أمّي و حظّي من جناها العلقم

حرماني الحرمان إلاّ أنّني
أهذي بعاطفة الحياة و أحلم

و المرء إن أشقاه واقع شؤمه
بالغبن أسعده الخيال المنعم

***

وحدي أعيش على الهموم ووحدتي
باليأس مفعمة وجوّي مفعم

لكنّني أهوى الهموم لأنّها
فكر أفسّر صمتها و أترجم

أهوى الحياة بخيرها و بشّرها
و أحبّ أبناء الحياة و أرحم

و أصوغ " فلسفة الجراح " نشائدا
يشدو بها اللّاهي و يشجي المؤلم