تحدّي - عبدالله البردوني

هدّدزنا بالقيد أو بالسلاح
واهدروا بالزئير أو بالنّباح

و كلوا جوعنا و سيروا على أشـ
لائنا الحمر ؛ كالخيول ... الجماح

واقرعوا فوقنا الطبول و غطّوا
خزيكم بالتصنّع الفضّاح

هدّدونا لن ينثني الزحف حتّى
يزحف الفجر من جميع النواحي

***

قسما لن نعود حتّى ترانا
راية النصر في النهار الضاحي

خوّفونا بالموت : إنّا استهنّا
في الصراع الكريم بالأرواح

قد ألفنا الردى كما تألف الغا
بات عصف الخريف بالأدواح

و احتقرنا قطع الرؤوس و أدمـ
نّا المنايا في حانه السفاح

فاحفروا دربنا قبورا فإنّا
سوف نمضي للدّفن أو للنّجاح

***

نحن شعب أعيا خيال المنايا
و تحدّى يد الزمان الماحي

كلّما أدمت الطّغاة جناحا
منه أدمى نحورها بجناح

أتعب السجن و القيود و لم يتعب
و أغفى سجّانه و هو صاحي

ساهر كالنجوم يستولد الفجر
و يومي إليه بالأجراح

***

أيّها العابثون بالشعب زيدوا
ليلنا واملأوه بالأشباح

لغّموا دربنا : و مدّوا دجانا
واطفئوا الشهب وانتظار الصباح

سوف نمشي على الجراحات حتّى
نشعل الفجر من لهيب الجراح

فاستبيحوا دماءنا تتورّد
وجنة الصبح بالدم المستباح

إنّما تنبت الكرامات أرض
" سمّدت تربها " عظام الأضاحي

ودماء الشهيد أنضر غار
في جبين البطولة اللّمّاح

وجراحنا على الأفق أبهى
شفق لامع و أزهى وشاح

قد أجبنا صوت المروءات لمّا
عربد الظالم العنيد الإباحي

وابتنى القصر من ضلوع الملا
يين ؛ و جوع الأجير و الفلّاح

فخلعنا عن صدره قلب " شمـ
شون " و عن وجهه قناع " سجاح "

نحن سرنا على ادماء إليه
و على النار و القنا و الصفاح

وانطلقنا على المنايا كأنّا
نتمنّى الحتوف في كلّ ساح

لم ترنّح مصباحنا أيّ ريح
دمنا الزيت في فم المصباح

نحن شعب خضنا إلى الفجر هولا
فاغرا في الطريق كالتمساح

و عبرنا ليلا كألسنة الحيّات
و الدرب عاصف بالتلاحي

و تفشّت دماؤنا في الروابي
السمر ؛ كالعطر في مهبّ الرياح

بيننا و المرام خطوة عزم
واثب كالضحى شباب الطماح

قسما لم نقف عن السير حتّى
نضفر الغار في جبين الكفاح