شعب على سفينة - عبدالله البردوني

كهودج من الضباب
من الطيوف ، والسراب

تزفّه سفينة
من الضياع والتراب

ومن تخيّل الغنى
ومن تلهّف الرغاب

ومن حكايا العائدين
بالحقائب العجاب

المتخمات بالحلى
وبالعطور والثياب

وبالجيوب تحتوي
دراهما ، بلا حساب

لمّا أتوا تلفّتت
حتى القصور والقباب

حتى السهوب والقرى
حتى الكهوف والشعاب

وكل صخر عندنا
وكل شارع وباب

ورغم خوفه مضى
من غربة إلى اغتراب

حشاه ملجأ الطوى
عيناه مرفأ الذّباب

على الفراغ يبتدي
وينتهي دجى العذاب

و(مأرب) تساؤل
متى يعود ؟ وارتقاب

و(وحدة) مخاوف
وموعد على ارتياب

أينثني ؟ فينثني
الى المزارع الشباب

ومقلنا (سمارة)
جوى ( وميتم) عتاب

يعي لهاث ربوة
إلى محاجر الشهاب

تهز نهدها إلى
مسافر بلا إياب

تحطّه جزيرة
ويرتمي به عباب

مسافر أضنى السّرى
وراع غيهب الذئاب

وأفلق الحصى ، بلا
مدى ، وأجهد الهضاب

من قارة لقارة
يجوب أرحب الرحاب

وهو على عيونها
تساؤل ، بلا جواب

فينحني ويبتني
لها نواطح السحاب

يضيئها ولا يرى يشيدها، وهو الحراب

يعيش عمره على أرجوحة ، من الحراب

أيامه سفينة جنائزية الذهاب

تزفّه الى النوى كهودج من الضباب