في اللّيل - عبدالله البردوني

لا مشفق حولي و لا إشفاق
إلاّ المنى و الكوخ و الإخفاق

البرد و الكوخ المسجّى و الهوا
حولي و قلبي و الجراح رفاق

و هنا الدجا يسطو على كوخي كما
يسطو على المستضعف العملاق

فلمن هنا أصغي ؟ و كيف ؟ و ما هنا
إلاّ أنا ، و الصمت ، و الإطراق

أغفى الوجود و نام سمّار الدجا
إلاّ أنا و الشعر و الأشواق

وحدي هنا في اللّيل ترتجف المنى
حولي و يرتعش الجوى الخفّاق

و هنا وراء الكوخ بستان ذوت
أغصانه و تهاوت الأوراق

فكأنّه نعش يموج بصمته
حلم القبور و يعصف الإزهاق

نسي الربيع مكانه و تشاغلت
عنه الحياة و أجفل الإشراق

عريان يلتحف السكينه و الدجا
و تئنّ تحت جذوعه الأعراق

***

و اللّيل يرتجل الهموم فتشتكي
فيه الجراح و تصرخ الأعماق

و الذكريات تكرّ فيه و تنثني
و يتيه فيه الحبّ و العشاق

تتغازل الأشواق فيه و تلتقي
و يضمّ أعطاف الغرام عناق

***

و الناس تحت اللّيل : هذا ليله
وصل و هذا لوعة و فراق

و الحبّ مثل العيش : هذا عيشه
ترف و هذا الجوع و الإملاق

في الناس من أرزاقه الآلاف أو
أعلى وقوم ما لهم أرزاق

هذا أخي يروي و أظما ليس لي
في النهر لا حقّ و لا استحقاق