تائه - عبدالله البردوني

كان عملاقا شاخ في فجر ميلاده ، و كاد أن يحتضر في ربيع العمر ، فتراه على بقيّة الأنفاس ، يتراءى كالظّل الحزين على صفحة الماء الراكد ، نصف عمره حلم آت ، و نصف ذكريات ، يدور في محوره كطيف الأمس في أهداب الذكريات ، فهو متاهة الظنون حلم تقلبه أجفان الظلم تائه

تائه كالرّجا
في زوايا السجون

كخيال اللّقا
حول وهم الجفون

كرياح الضحا
في صخور الحزون

كانين الشّتا
فوق صمت الغصون

كطيوف المسا
في متاه العيون

وحدة يرتمي
خلف طيف الفتون

بين خفق الرؤى
و ضجيج السكون

آه يا قلبه
حرّقتك الشجون

جفّ خمر الهوى
في كئوس اللّحون

ظاميء يرتوي
بسراب الظنون

ماله هان أو
ماله لا يهون

كفّنت صوته
و صداه السنون

و اختفى ظلّه
في غبار القرون

كوعود المنى
في الزمان الخؤون .