فارس الآمال - عبدالله البردوني

أخي أدعوك من خلف اتقادي
و أبحث عن لقائك في رمادي

و ينطبق الحريق عليّ ... قبرا
فيمضغني و يعيى بازدرادي

و أحيا في انتظارك نصف ميت
ورائحة الردى مائي وزادي

و أرقب " فارس الآمال " حتّى
أخال إزاي حمحمة الجياد

و ترفعني إليك رؤى ذهولي
فتتكيء النجوم على وسادي

و أهوى عنك أصفع وجه حظّي
و أعطي كلّ " جنكيز " قيادي

و عاصفة الوعيد تهزّ حولي
يد " الحجاج " أو شدقي " زياد "

***

فتخفق منك في جدران كوخي
طيوف كالمصابيح الهوادي

فتشدو كلّ زاويه وركن
و يبدع عازف و يجيد شادي

و يلمع و هم خطوك في الروابي
فترقص كالجميلات الخرد

و يجمع جيرتي فرح التلاقي
و يختلط احتشاد باحتشاد

و يظما الشوق في عيني " سعيد "
فيندى الوعد من شفتي " سعاد "

***

و تعوي الريح تنثر وسوساتي
وريقات تحنّ إلى المد

و تخنق حلم جيراني و حلمي
و تسلب حيّنا صمت

و يحترق الطريق إليك شوقا
فتطفئه أعاصير العوادي

و تقبر فيه قافلة الأماني
و تردي الصوت في فم كلّ حادي

و يسأل هل تعود إلى حمانا ؟
فتسعد سمّر و يضيء نادي

مزارعنا إلى لقياك لهفى
و بيدرنا إلى الحصاد

أترحل تستفزّ الفجر حتّى
شققت دجاه – تبت عن المعاد

أتأبى أن تعود ألا تلبّي
ندائي هل دريت من المنادي ؟

سؤال عنك يحفر كلّ تلّ
و يسبر عنك أغوار الوهاد

أفتّش عنك أطياف العشايا
و أهداب النسيمات الغوادي

و تنأى عن مدى ظني فأمضي
إليك على جناح من سهاد

و أهمس أين أنت ؟ و أيّ ترب
نما و اخضرّ من دمك الجواد

أيسألك النضال دما شهيدا
فتسقيه و أنت تموت صادي ؟

أجب حدّث فلم يخمدك قتل
فأنت الحيّ و القتلى الأعادي

أحسّك في براءه كلّ حيّ
صبيّ و أحسّ نبضك في الجماد

و أشتمّ اختلاج صداك حولي
يمنّيني و يعبق في فؤادي

فأدنو من نجيعك أصطليه
و أشعل من تلظّيه اعتقادي

***

أتسأل كيف جئت إليك إنّي
أفتّش في دمائك عن بلادي ؟

و أنضح من شذاها ذكرياتي
و أقبس من تحدّيها عنادي

أتأبى أن تجيب ؟ و من يحلّي
بغار النصر هامات الجلاد ؟

و هل أرتدّ عنك بلا رجاء ؟
يعاتبني و يخجلني ارتدادي ؟

أتدري أنّ خلف الطين شعبا
من الغربان يفخر بالسواد ؟

يموت توانيا و يعيش وهما
بلا سبب بلا أدنى مراد

يسير و لا يسير : يبيد عهدا
و يأكل جيفه العهد ... المباد

يبيع و يشتري بالغبن غبنا
و يجترّ الكساد إلى الكساد

و تهدي خطوة جثث كسالى
تفيق من الرقاد إلى الرقاد

تعيد تثاؤبا أو تبتديه
كأسمار العجائز في البوادي

***

" أعبد الله " كم يشقيك أنّا
ضحايا العجز أو صرعى التمادي ؟

أينبض في ثراك اشعب يوما
فتروق ربوة و يرفّ وادي

و تعتنق الأخوة و لتصافي
و يبتسم الوداد إلى الوداد

رحلت إليك أستجدي جوابا
و أستوحيك ملحمة الجهاد