ثائران - عبدالله البردوني

من جمال و من أسمّي جمالا ؟
معجزات من الهدى تتوالى

و شموخا يسمو على كلّ فكر
و على كلّ قمّة … يتعالى

من " جمال " ؟ حقيقة تنثني
عنها الخيالات يحترقن انفعالا

و عناد أعيا البطولات حتّى
رجع الموت عنه يشكو الكلالا

***

موكب من مشاعل إنطفى الحسّاد
من نفخه وزاد اشتعالا

و تدلّت أضواؤه كالعناقيد
فأذكت في كلّ عين ذبالا

وتملأ ثوّار " صنعا "هداه
فاستطاروا يحرّقون الضلالا

و التقوا يغسلون بالنار دنيانا
و يمحون بالدم الأوحالا

وأضاءوا و اللّيل يبتلع الشهب
و أمّ الهلال تطوي الهلالا

فتناغى و مض المآذن : ماذا ؟
أيّ فجر أشتمّ فيه " بلالا " ؟

***

ووراء الحنين شعب مسجّى
ملّ موت الحياة ؛ ملّ الملالا

و الرؤى تسأل الرؤى كيف ضجّ
الصمت ؛ و استفسر الخيال الخيالا

من أطلقوا كصحو نيسان يكسون
الربى الجرد خضرة و اخضلالا

و مضى الثائرون يفدون شعبا
يتدّون باسمه الآحالا

كالقلاع الجهنّميات ينقضّون
يرمون بالجبال الجبالا

و يشبّون ثورة رمت التاج
و هبّت تتوّج … الأجيالا

و مشت و الشروق في خطوها الجـ
بّار ، ينثال في الدّروب انثيالا

و مددنا المنى فكانت عطاء
سرمديا تجاوز الآمالا

فطفرنا إلى الحياة كموتي
فعتهم قبورهم … أطفالا

***

و بدأنا الشوط الكبير و أعددنا
لأحداثه الكبار … جمالا "

و اهتدينا به فكان دليلا
و أبا يحمل الجهود … الثقالا

و بلونا فيه أخا لم تزده
لهب الحادثات إلاّ صقالا

ودروب الكفاح تنبيك عنه
كم طواها و أتعب الأهوالا

و ثنى الموت في " القناة " و ألقى
في أساطيله الحريق … ارتجالا

ورمى الغزو و الغزاةى رمادا
تخبر العاصفات عنه الرمالا

و فلولا تكابت الروح فيها
مثلما تكبت العجوز السعالا

***

لا تسل " بور سعيد " و اسأل عداه
كيف أدمى اللّظى وجال وصالا

و تحدّى الردى الغضوب و "مصر "
خلفه تسحب الذيول اختيالا

و انتظار الفرار و النصر وعد
يحتمي يدني … المحالا

و الضحى يرتدي رداء من النار
و يرخى من الدخان … ظلالا

و منايا تمضي و تأتي منايا
و قتال دام يثير … قتالا

و سؤال يمضي و ما من جواب
و جواب يأتي يعيد السؤالا

فإذا " ناصر " يقود تلالا
من شباب القوى تدك تلالا

و جحيما تحتلّ أجساد من جاءوا
يرمون عنده … الإحتلالا

و أباه لا يعتدون و يهدون
إلى المعتدي الأثيم الزوالا

و يطيرون يضفرون النجوم الخضر
" غارا " يكلّلون النضالا

و إذا النصر بين كفّي " جمال "
ينحني خاشعا و يندى ابتهالا

***

من " جمال " ؟ سل البطولات عنه
كيف أغرب به العدى الأنذالا ؟

فتبارت أذناب " لندن " تزري
باسمة فازدهى اسمه و تلالا

و أجادوا فيه السبابا و لكن
يحسن الشمّ من يسيء الفعالا

كيف يخشى أذيال لندن من صبّ
على لندن المنايا العجالا … ؟

إنّ من تضرب الرؤوس يداه
لا يبالي أن يركل الأذيالا

***

يا لصوص العروش عيبوا " جمالا "
واخجلوا أنّكم قصرتم و طالا

فسقطّتم على الوحول ذبابا
و سما يعبر الشموس مجالا

و اكتلمتم نقصا وزاد كمالا
و مدى النقص أن يعيب الكمالا

فبنى أمّة وشدتم عروشا
خائنات تبارك القتالا

و قصورا من الحنا مثقلات
بالخطايا كالعاهرات الحبالى

فسلوا عنكم اللّيالي السكارى
و الحسان المدلّلات الكسالى

و ضياع الحمى و ما لست أدري
و دنايا شتّى عراضا طوالا

لا تضيقوا فإنّ للشرف العالي
رجالا و للدنايا رجالا

لا تضيفوا "إنّ العروبه تدري
من " جمال " و تعرف " السلالا "

بطل الثائرين وافى أخاه
و البطولات تجمع الأبطالا

أخوان تلاقيا فاشرأبّت
" وحده "ك العرب تنحر الإنفصالا

فاهتفي يا حياة إنّا اتّحدنا
في طريق المنى وزدنا اتّصالا

و التقى " النيل " و السعيدة جسما
صافحت كفّه اليمين الشمالا