حديث نهدين - عبدالله البردوني

كيف أنساه هل تناسيه يجدي ؟
و هو و الذكريات و الشوق عندي

و هو أدنى من الأماني إلى القلب ؛
و بيني و بينه … ألف بعد

واشتهاء العناق يحلم في جيدي
بانفاسه فيمرح عقدي

عندما يهبط الظلام أراه :
ماثلا في تصوّراتي و سهدي

آه إنّي أخال زنديه في قدّي
تشدّنني فيختال ... قدّي

فكأنّي أضمّه في فراشي
و هو يجني فمي و يقطف خدّي

ثمّ أصغي إلى الفراش فلا أسمع
إلاّ حديث نهد لنهد

حلم كاليقين يدنيه منّي ؛
و خيال يخفيه عنّي و يبدي

فأرى طيفه أوانا حنونا
و أوانا في مقلتيه تعدّي

ليت أنّي أراه في صحوة الصبح
فما ضارعا يغنّي بحمدي

كلّما ذاب في الخشوع تأبّيت
وردّيت رغبتي شرّ ردّ

و تحدّيت ناظريه بإعراضي
وأشعلت حبّه بالتحدّي

و تجاهلته و قلبي يناديه
و جسمي يكاد يحرق بردي

ثمّ يجترّني و يجذب جسمي
حضنه جذب قاهر مستبدّ

و هنا : أحتويه بين ذراعيّ ،
و أطويه بين لحمي و جلدي

ليت لي ما رجوت أو ليتني أمـ
حوه ؛ منّي من ذكرياتي ووجدي

ليتني يا جهنّم الهجر أدري
من هواه و من تبدّل بعدي ؟ !

ليته في الشجون مثلي مهجور
فيشتاقني و يذكر عهدي

و يعاني الجوى و يشقى كما أشـ
قى ، بأطيافه و ذكراه وحدي

***

هكذا ترجمت مناها و اللّيـ
ـل عبوس ، كأنّه موج حقد

و الظلام الظلام في كلّ مرأى
قدر جاثم يخيف و يردي

صامت و العتوّ في مقلتيه
ظاميء كالسلاح في كفّ وغد

و الخيالات موكب من حيارى
تائه يهتدي و حيران يهدي

و حنين الصباح في خاطر الأنسام
كالعطر في براعم ورد .