مغني الهوى - عبدالله البردوني
لا تسخري يا أخت بالشاعر
تكفيه بلوى دهره الساخر
رفقا بغرّيد الهوى إنّه
ينوح نوح الطائر .. الحائر
يبكي بترديد الأغاني و ما
للحنه و الحبّ ... من آخر
فلا تضيقي بمغنّي الهوى
و هل يضيق الروض بالطائر ؟
تذكّري خلف النوى عاشقا
يلقاك في وجدانه الذاكر
أومى إلى كفّ الهوى قلبه
إيماءه العنقود للعاصر
محرّق الأنفاس تسري به
ظنونه حول الدجى اعابر
***
و اللّيل وادي الحبّ تنثال من
سكونه الذكرى على الساهر
و تلتقي الأشجان في جوّه
مواكبا في موكب سادر
تمرّ بالأشواق أطيافه
كما تمرّ الغيد ... بالعاهر
و تستثير النائمين الرؤى
و تضحك الأوهام للسامر
كم شاق هذا اللّيل خلّا إلى
خلّ و مطواعا إلى نافر
و جالت الأحلام فيه كما
يجول سرّ الحبّ في الخاطر
و ضمّ مشتاق مشوقا به
و حنّ ملهوف إلى زائر
***
سل الدجى عن طيف " ليلى " و كم
حيّاه " مجنون بني عامر "
و سله عن أخبار أهل الهوى
من أبعد الماضي إلى الحاضر
فإنّه رحّالة الدهر ... كم
سرى الهوى في ركبه السائر
مسافر بسري و يطوي السرى
على جناح الفلك الدائر
رحّالة الأزمان يزجي إلى
مستقبل الدهر صدى الغابر
***
كم في حنايا اللّيل سرّ و ما
أكتمه للسرّ ... و الظاهر !
ينساق في الصمت و في صمته
حنين مهجور إلى هاجر
وشوق مفتون إلى فتنه
ووجد مسحور إلى ساحر
وحقد مظلوم على ظالم
وضغن مأسور على آسر
***
يا أخت : هل ألقى إليك الدجى
أشواق قلب بالشّقا زاخر ؟
يستولد الأمال لكن كما
يستولد العنّين من عاقر
***
يا ربّة الحسن هنا نغرم
يصغي لنجوى طيفك العاطر
معذّب تاريخه قصّة
حيرى كقلب التاجر الخاسر
رقّي عليه إنّه كلّه
قلب شجيّ الشعر و الشاعر